· أعتقد أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو غيّر فعلاً موقفه إزاء النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. وفي حال استمراره في مساره الحالي فإنه سيكمل طريق رؤساء الحكومة السابقين إيهود أولمرت وأريئيل شارون ويتسحاق رابين ومناحم بيغن الذين كانوا يتبنون مواقف سياسية محددة قبل أن يجلسوا على كرسي رئيس الحكومة واضطروا إلى تغييرها في إثر جلوسهم عليه.
· ويبدو أن أول من لاحظ التغيير الذي حدث لدى نتنياهو هم مستوطنو يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. ولعل أكبر دليل على هذا التغيير تمثل في القرار القاضي بتجميد أعمال البناء في المستوطنات. صحيح أن رئيس الحكومة لم يصبح مؤيداً كبيراً لمبادرة جنيف، لكنه على ما يبدو قرر السير في اتجاه خطوة سياسية غير مسبوقة في تاريخه كله.
ولا بُد من القول أيضاً إنه على الرغم من أن الجالسين في ديوان رئيس الحكومة في القدس لا يجلسون في مقار الإدارة الأميركية في واشنطن، إلا إنهم يسمعون ما يقوله كبار المسؤولين في هذه الإدارة. ومن المعروف أن الأميركيين يمكنهم أن يكونوا حازمين وقساة عندما يرغبون في ذلك، وعلى ما يبدو فإنهم كانوا على هذا النحو مع نتنياهو، الأمر الذي اضطره حتى الآن، بعد مرور عام واحد فقط على ولايته، إلى طرح فكرة "دولتين لشعبين" وإلى تجميد أعمال البناء في المستوطنات. في المقابل فإن نتنياهو نفسه يدرك جيداً مدى اعتماد إسرائيل شبه المطلق على الولايات المتحدة، كما أنه يدرك حدود قوة إسرائيل والدلالات المهمة المترتبة على الاقتراحات الأميركية الجديدة التي تشمل رزمة ضمانات بعيدة المدى [في مقابل تمديد تجميد أعمال البناء في المستوطنات]، والتي لم يسبق أن حظي بمثلها أي رئيس حكومة في إسرائيل.