نتنياهو وصل إلى نقطة الحسم بين أيديولوجيته وبين حاجته إلى الدعم الأميركي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       إن الأزمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي اندلعت في نهاية الأسبوع الفائت، كانت متوقعة منذ صعود رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما إلى سدّة الحكم. وعلى ما يبدو، فإن الرئيس أوباما قرر عدم المرور مرّ الكرام على الإهانة التي تعرض لها نائبه، جو بايدن، بسبب مصادقة اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في وزارة الداخلية الإسرائيلية على خطة بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في حي "رامات شلومو" لليهود الحريديم في القدس الشرقية، والتي تمّ إعلانها في أوج "الزيارة الودية"، التي كان نائب الرئيس الأميركي يقوم بها لإسرائيل.

·       وبدلاً من قبول أوباما الاعتذار الجزئي الذي صدر عن نتنياهو، ونسيان ما حدث، فإنه [أوباما] وجّه إنذاراً شديد اللهجة إلى نتنياهو، وليس هذا فحسب، بل إنه طلب منه أيضاً اتخاذ خطوات "تجسد التزامه" إزاء العلاقات مع الولايات المتحدة، وإزاء عملية السلام. وقد بات من الواضح الآن أن استجابة رئيس الحكومة لمطالب أوباما ستهدد بالخطر ائتلافه مع حزبَي اليمين المتطرف "إسرائيل بيتنا" وشاس، وستثير معارضة قوية داخل الليكود.

·       ويمكن القول إن نتنياهو وصل إلى النقطة التي يتعين عليه فيها أن يحسم بين معتقداته الأيديولوجية وشراكته السياسية مع اليمين، وبين الحاجة الماسة إلى الدعم الأميركي. ولا شك في أن المعضلة التي يواجهها بناء على هذا، هي معضلة صعبة للغاية، ذلك بأنه في حال إعلانه تجميد، أو حتى تقييد أعمال البناء في القدس الشرقية، فإن ائتلافه الحكومي سيتفكَّك، وفي حال مضيه في مسار التصادم مع الإدارة الأميركية، فإن ذلك سيشكل خطراً على التعاون الأمني المطلوب من أجل مواجهة إيران، في وقت يدرك نتنياهو أنه ليس لدى إسرائيل حلفاء عدا الولايات المتحدة لعملية التصدي لتهديدات [الرئيس الإيراني] محمود أحمدي نجاد.

 

·       وتجدر الإشارة إلى أن الرسالة الأميركية الحادة إلى نتنياهو تمّ تمريرها بواسطة بضع قنوات: محادثة توبيخ طويلة عبر الهاتف من طرف وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون؛ محادثة أخرى من طرف نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، أعلن خلالها تأييده تلك الرسالة؛ استدعاء السفير الإسرائيلي في واشنطن، مايكل أورن، إلى محادثة مع نائب وزيرة الخارجية، جيم ستاينبرغ؛ بيان شجب للبناء في القدس الشرقية صادر عن "الرباعية الدولية". غير أن الأهم من ذلك كله هو المقابلتان اللتان أدلت بهما كلينتون إلى شبكتي التلفزة الأميركيتين سي. إن. إن وإن. بي. سي، واللتان جعلتا الرسالة السياسية الأميركية بمثابة توبيخ علني لرئيس الحكومة الإسرائيلية.