سفير إسرائيل في واشنطن: العلاقات بين البلدين تواجه أسوأ أزمة منذ 35 عاماً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

على الرغم من محاولات ديوان رئيس الحكومة التقليل من شأن الأزمة التي نشبت مع واشنطن على خلفية نشر خطة البناء في حي رامات شلومو في القدس الشرقية، فإن سفير إسرائيل في واشنطن، مايكل أورِن، عقد مساء السبت مؤتمراً طارئاً عبر الهاتف مع قناصل إسرائيل العامّين في الولايات المتحدة قال فيه إن العلاقات بين البلدين تواجه أسوأ أزمة منذ 35 عاماً.

وقد استمرت، أمس أيضاً، التصريحات الحادة التي تصدر [عن مسؤولين] في الولايات المتحدة ضد إسرائيل. وقال كبير مستشاري الرئيس أوباما ديفيد أكسلرود إن الأعمال التي قامت بها إسرائيل كانت متعمدة وهدفت إلى الإضرار بعملية السلام، في حين قال الناطق بلسان البيت الأبيض روبرت غيبس إن الاعتذار الذي قدمه [رئيس الحكومة الإسرائيلية] بنيامين نتنياهو كان "بداية طيبة" لترميم الثقة، لكن المطلوب هو القيام بمزيد من الخطوات.

وقد أصدر اللوبي الموالي لإسرائيل في الولايات المتحدة "إيباك" بياناً الليلة الفائتة أعرب فيه عن قلقه إزاء تصريحات كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، ومما جاء في البيان: "إن التصريحات الأخيرة التي صدرت عن إدارة أوباما بشأن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل تثير القلق الشديد. إن 'إيباك' تدعو الإدارة إلى اتخاذ تدابير فورية من أجل تهدئة التوتر مع الدولة اليهودية".

وبالتوازي مع ذلك، واصل نتنياهو أمس مشاوراته مع طاقم الوزراء السبعة في صدد قائمة المطالب التي نقلتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إليه خلال المحادثة التوبيخية التي أجرتها معه الجمعة الفائت. وعلمت "هآرتس" أن القائمة تتضمن أربع خطوات على الأقل تتوقع الإدارة الأميركية من نتنياهو القيام بها من أجل ترميم الثقة مع الولايات المتحدة:

1.     التحقيق في الخطوات التي أدت إلى إعلان خطة البناء في حي رامات شلومو في أوج زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن. ويرغب الأميركيون في تلقي ردّ رسمي من إسرائيل بشأن ما إذا كان الأمر يتعلق بخطأ بيروقراطي أو فعل متعمد. وقد أعلن نتنياهو تشكيل لجنة لتقصي هذه المسألة.

2.     إلغاء قرار لجنة التخطيط اللوائية بشأن بناء الوحدات السكنية في رامات شلومو.

3.     القيام بمبادرات حسن نية إسرائيلية مهمة تجاه الفلسطينيين تمكّن من استئناف عملية السلام. وفي هذا الإطار اقترح الأميركيون إطلاق مئات الأسرى، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق إضافية من الضفة الغربية، وتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة، وإزالة مزيد من حواجز الطرق [في الضفة الغربية].

4.     إعلان إسرائيل رسمياً أن المفاوضات التي ستجري مع السلطة الفلسطينية، حتى لو كانت غير مباشرة، ستتناول القضايا الجوهرية كافة.

وأمس أجرى مستشارا رئيس الحكومة، يتسحاق مولخو ورون دِرمَر، محادثات ماراثونية مع كبار المسؤولين في البيت الأبيض والمبعوث الخاص جورج ميتشل وطاقمه في محاولة لتهدئة الغضب الأميركي. وسيأتي ميتشل إلى إسرائيل الثلاثاء المقبل، وهو يتوقع أن يسمع، حتى ذلك الحين، ما إذا كان نتنياهو ينوي تنفيذ هذه الخطوات.

وقد حاول نتنياهو في مستهل جلسة الحكومة أمس بث رسالة تهدئة [إلى الإسرائيليين] فحواها أنه لا توجد أزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة، لكنه بلّغ السفير الإسرائيلي في واشنطن رسالة معاكسة، وقدّم هذا إيجازاً طارئاً إلى قناصل إسرائيل العامّين في الولايات المتحدة، ونقل إليهم توجيهات للعمل من نتنياهو.

وطلب السفير أورِن من القناصل بدء حملة دبلوماسية ـ إعلامية بين أعضاء الكونغرس والزعماء اليهود ووسائط الإعلام لشرح موقف إسرائيل، كما طلب منهم أن يوضحوا أن إسرائيل لم يكن لديها نية المس بنائب الرئيس الأميركي، وأن الأمر يتعلق بخلل تسبب به صغار الموظفين في وزارة الداخلية ونجم عن نقص في التنسيق بين المكاتب الحكومية. وتحدث أورِن إلى القناصل عن المحادثة التوبيخية التي استُدعي إليها، وقال: "لقد قرأوا عليّ رسالة احتجاج كان مضمونها قاسياً للغاية".

وقد ادعى نتنياهو في مستهل جلسة الحكومة أمس أن وسائل الإعلام ضخمت الأزمة، وقال: "نحن نعرف كيف نعالج هذه الأوضاع ـ وسنعالجها بهدوء ومسؤولية وجدية". وفي هذه الأثناء، تم أمس، وبناء على طلب من نتنياهو الذي خشي وقوع حرج سياسي آخر، تأجيل اجتماع مركز حزب الليكود الذي كان من المزمع عقده الخميس المقبل بهدف مناقشة تجميد البناء في المستوطنات.

 في هذا السياق، قال مصدر حكومي رفيع المستوى في حديث مع "يديعوت أحرونوت" (15/3/2010): "إن ثمن الإهانة التي لحقت بالأميركيين سيكون التجميد الفعلي للبناء في القدس الكبرى"، موضحاً أنه "عقب هذا العمل الأحمق، لن يكون هناك مفر من ذلك". في المقابل، قال وزير آخر إنه سيكون من الأسهل على رئيس الحكومة القيام بمبادرات حسن نية، كالإفراج عن أسرى وإزالة حواجز طرق، مقارنة بتجميد البناء في القدس. وعبّر وزير مطلع على تفصيلات مسألة التخبط الذي يواجه المسؤولين فيما يتعلق بالرد على المطالب الأميركية قائلاً: "الأميركيون أيضاً يعلمون أنه لا يمكن لنتنياهو أن يعلن على الملأ تجميداً تاماً للبناء في رامات شلومو. نحن على استعداد للاعتذار، وقد فعلنا ذلك، لكن رئيس الحكومة لا يستطيع أن يقول أنه لن يبني في القدس. هذا يتناقض مع هويته، ومع الذين يمثلهم، كونه يترأس حكومة يمينية. لن يمر هذا الأمر لا في حزب الليكود، ولا في الائتلاف. إن من شأنه تفكيك الحكومة...".

وذكرت صحيفة "معاريف" (15/3/2010) أن كبار أعضاء الليكود يخشون أن تؤدي الأزمة مع الإدارة الأميركية إلى زعزعة الائتلاف، بل حتى إلى تفكيكه. وأمس قال مسؤول ليكودي كبير مقرب من رئيس الحكومة، إن عدم إبداء الأميركيين تسامحاً تجاه نتنياهو يشير إلى أن الإدارة في واشنطن لا تنوي أخذ الضغوط السياسية التي تواجه رئيس الحكومة بعين الاعتبار. وعلى حد قوله، فإن هذا السلوك المتعنت من جانب الإدارة الأميركية ربما يؤدي، في نهاية الأمر، إلى إسقاط نتنياهو.