· بات واضحاً منذ الآن أن سورية لن تعود إلى ما كانت عليه من الناحية الجغرافية، وذلك على الأقل لكون الجيب الكردي الواقع في شمالي الدولة لن يوافق على أن يظل جزءاً منها. ويبدو أيضاً أن أجزاء أخرى سوف تنفصل عن الدولة الأم في المستقبل، الأمر الذي سيتسبب بانقسامها إلى عدة كيانات طائفية بعد أعوام قليلة من الحرب الأهلية المندلعة فيها.
· ولقد حصل الجيب الكردي في سورية على استقلاله في الآونة الأخيرة بعد أن أقدم الرئيس بشار الأسد على سحب قواته منه، وأجاز لمقاتلي حزب العمال الكردستاني السري القيام بعمليات مسلحة داخل الأراضي التركية، وذلك رداً على الدعم الذي يقدمه رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان إلى المتمردين السوريين. ويمكن ملاحظة أن أعلام هذا الحزب أصبحت ترفرف فوق شتى المؤسسات العامة في هذا الجيب، في الوقت الذي تسلم فيه حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي هو عبارة عن تحالف عدة منظمات سياسية كردية في سورية، مقاليد إدارة الشؤون السياسية في الجيب.
· ويؤكد زعماء الأكراد في هذا الجيب أنهم أقاموا حكماً ذاتياً ديمقراطياً، ويحرصون على عدم التكلم على دولة كردية مخافة أن يعرضهم ذلك إلى حملة نقد في العالم، لكنهم في واقع الأمر يعملون ميدانياً على تكريس مثل هذه الدولة. وعلى ما يبدو فإن الهدف من ذلك في نهاية الأمر هو إيجاد تواصل بين هذه الدولة وبين الأجزاء الكردية في كل من العراق وتركيا وإيران من أجل إقامة دولة كردية كبرى.
· إن عملية انقسام سورية من الناحية الجغرافية ستستمر عدة أعوام، حتى في حال سقوط نظام الأسد قريباً. وما يجب قوله إزاء ذلك هو تخيلوا ما الذي كان سيحدث لو أن إسرائيل وافقت على أن تعيد هضبة الجولان إلى سورية كما يطالب كثيرون من الساسة عندنا.