حصاد سياسي لسنة 2011
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

·      مما لا شك فيه أن موجة الثورات التي اجتاحت العالم العربي غيرت قواعد اللعبة في المنطقة، ووضعت إسرائيل في مواجهة مخاطر قديمة وجديدة سبق أن واجهتها بنجاح في الماضي. لكن على الرغم من المخاطر التي تبرز في مطلع سنة 2012، يمكننا ملاحظة عدد من التطورات الإيجابية التي ستحسن الوضعين الأمني والاستراتيجي لإسرائيل في المدى المتوسط والمدى البعيد.

·      فمن المحتمل جداً أن تكون الضربة التي ستحل بـ "محور الشر الإيراني" في حال سقوط نظام الأسد، وإصرار دول الخليج السنية على بذل كل الجهود السياسية والاقتصادية والعسكرية من أجل مواجهة الخطر الاستراتيجي الإيراني، وحتى الصعود السياسي للحركات الإسلامية نتيجة موجة الثورات، أقل خطراً وتهديداً لإسرائيل مما يجري تصويره.

·      فالإخوان المسلمون في مصر وتونس والأردن هم بحسب وصف الخبراء يمثلون "إسلاماً هجيناً" يجمع بين الهوية الوطنية - الاجتماعية وبين الهوية الإسلامية، بعكس الحركات الجهادية، مثل القاعدة والجهاد الإسلامي الفلسطيني. ويعطي الإخوان المسلمون أهمية كبيرة للرفاه الاقتصادي والاجتماعي لشعوبهم. من هنا، ثمة ما يدعونا إلى الاعتقاد أنهم سينتهجون سياسة براغماتية، وسيحاولون تمييز أنفسهم عن "السلفيين" الأصوليين. وهم، طبعاً، لن يحبوا إسرائيل، لكنهم سيحاذرون إلغاء معاهدة السلام مع مصر والأردن، وسيمتنعون من الدخول في حرب واسعة من شأنها أن تجعل شعوبهم تعيش في ضائقة. وينطبق هذا الكلام أيضاً على النظام الذي سيحل في سورية مكان نظام الأسد....

·      على الصعيد العسكري، سُجلت نقطة إيجابية فيما يتعلق بالميزان الاستراتيجي في إسرائيل لسنة 2011، وهي عدم وجود تآكل كبير في القدرة العامة للردع، سواء إزاء أطراف التهديد الموجودة في الدائرة القريبة أو تلك الموجودة في الدائرة البعيدة. ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك، الهدوء على الحدود مع سورية ولبنان والأردن والضفة الغربية، وارتداع "حماس" عن الدخول في مواجهة واسعة النطاق، والتوتر الإيراني إزاء الكلام على هجوم إسرائيلي ضدها، وعدم مسارعة النظام في سورية إلى استخدام ترسانته الصاروخية ضد إسرائيل على الرغم من رغبته في ذلك لإنقاذ وضعه الداخلي الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. وحتى الآن ليس هناك أي خطر وجودي حقيقي يتهددنا، وليس الردع هو السبب الأساسي لذلك رغم كونه العامل الأهم.

·      ويمكننا أن نضيف إلى هذا كله أن قدرة إسرائيل وجهوزيتها العسكرية لمواجهة الأخطار هما في حالة تحسن مستمر. ولدى إسرائيل اليوم قدرات كبيرة جداً، ولا سيما على الصعيد الهجومي، إذ هي قادرة على مفاجأة أعدائها القريبين والبعيدين. أمّا على الصعيد الدفاعي،  فالقدرات الإسرائيلية في هذا المجال ما زالت في بداياتها (المنظومة المتعددة الدرجات لاعتراض الصواريخ ما زالت في بداية الطريق، وثمة عدد قليل من منظومات التحصين للمدرعات في مواجهة الصواريخ المضادة لها). وفي الواقع، في حال نجحت إسرائيل في توظيف الأموال المطلوبة، فثمة احتمال كبير لأن تتمكن، بعد بضعة أعوام، من مواجهة التهديدات بنجاح وبأقل قدر من الخسائر، ومن زيادة قدرتها على الردع.

·      علاوة على ذلك، أدت الاضطرابات في العالم العربي إلى بروز عدد من الظواهر التي قد يكون لها انعكاسات إيجابية على إسرائيل، وذلك على الشكل التالي:

1- ستضعف الحرب الأهلية في سورية الجيش السوري وتقسمه. وفي حال سقوط النظام الحالي، سيخسر حزب الله حليفه الاستراتيجي وخطوطه الخلفية اللوجستية.... باختصار، سيتحول حزب الله إلى ورقة سهلة ليس فقط بالنسبة إلى إسرائيل، إذ سيصبح أيضاً خصماً ضعيفاً بالنسبة إلى سائر الطوائف في لبنان. وهذا هو السبب الذي يجعل نصر الله يحاذر القيام بمغامرة قد تورطه بحرب تدمر لبنان، ومن الممكن ألا يسارع حزب الله بعد سقوط نظام الأسد إلى إطلاق الصواريخ على إسرائيل. وحتى في حال هاجمت إسرائيل والولايات المتحدة إيران، وطلب القادة الإيرانيون من الحزب الانتقام لهم، فإن الذي سيحسم الأمر هو مصلحة حزب الله في الدفاع عن وجوده وعن مصالح الطائفة الشيعية.

2- تشكل سورية اليوم ساحة مهمة من ساحات المواجهة الدائرة بين إيران الشيعية والدول العربية السنية، وفي طليعتها السعودية وقطر. وتعلم هذه الدول العربية كما تعلم تركيا أن انهيار نظام الأسد سيلحق ضرراً كبيراً بنفوذ إيران وبقدراتها الاستراتيجية.

3- تنتمي "حماس" إلى حركة الإخوان المسلمين، وهي تلتزم بسلم أولويات هذه الحركة. وفي العام الأخير كانت حكومة "حماس" قلقة من احتمال وصول موجة الاضطرابات التي اجتاحت العالم العربي إلى غزة، ومن أن تتسبب بزعزعة سيطرتها على القطاع، فمن هنا اهتمام الحركة بالمصالحة مع "فتح".

4-  يظهر المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية رغبة واضحة في الاستمرار في كونه الطرف السياسي المسيطر في مصر، وهو لديه مصلحة كبيرة في المحافظة على العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة وفي استعادة سيطرته الأمنية على سيناء. لذا، في حال نجاح المجلس في فرض إرادته على الأطراف السياسية الأخرى بمن فيهم الإخوان المسلمين، فثمة حظوظ قوية لأن يصمد اتفاق السلام مع مصر.

وعلى الرغم من هذا كله، على الحكومة الإسرائيلية القيام بمبادرتين أساسيتين ستغيران الوضع الأمني - الاستراتيجي بصورة إيجابية وفورية، هما: استئناف المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين، واتخاذ قرار بمهاجمة إيران.