· أعتقد أن الأهمية الاستراتيجية لعملية "الرصاص المسبوك" أكبر كثيراً ممّا يفترض المسؤولون في إسرائيل، وأن الحديث يدور على مفترق طريق سيبقى محفوراً في الذاكرة التاريخية الشرق أوسطية لأعوام طويلة.
· أولاً، جدد الجيش الإسرائيلي قوة الردع في مواجهة "حماس". وهذا ينطوي على أهمية كبيرة بالنسبة إلى ميزان الردع في مواجهة أطراف أخرى في الشرق الأوسط، وأساساً حزب الله في الشمال ومحور إيران ـ سورية.
· ثانيـاً، وقف إطلاق الصواريخ من جانب "حماس"، من دون قيد أو شرط. ولا بُد أن يأخذ قادة الحركة في الاعتبار، في المستقبل، أنه في حال استئناف إطلاق الصواريخ، فإن الجيش الإسرائيلي يمكنه أن يرد متى يشاء.
· ثالثاً، وهو الأهم، تغيرت أصول اللعبة السابقة، والتي أوحت كما لو أن إسرائيل تتردد في تفعيل قوتها العسكرية الحقيقية، خشية إلحاق الضرر بالسكان المدنيين لدى الطرف الآخر. فقد أظهرت العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة أنه حتى المساجد لم تعد تشكل حاجزاً أمام استعمال القوة الإسرائيلية، في حال استخدامها (المساجد) من جانب المنظمات "الإرهابية".
في الوقت نفسه، فإن الإنجازات السياسية لعملية "الرصاص المسبوك" ليست أقل أهمية من الإنجازات العسكرية المذكورة. إن الإنجاز السياسي الأول هو اهتزاز مكانة إيران في الشرق الأوسط، علاوة على أن العالم العربي، في معظمه، وقف وراء مصر ضد "حماس". والإنجاز الثاني هو وقوف قادة الغرب وراء الموقف الإسرائيلي إزاء موضوع منع تعاظم قوة "حماس" في غزة. وقد تم التوصل إلى تفاهمات بشأن منع عمليات التهريب مع الولايات المتحدة، ومع معظم دول أوروبا الغربية. أمّا الإنجاز السياسي الثالث فهو إنهاء الحرب من دون أن تعترف إسرائيل بـ "حماس"، حتى لو بصورة غير مباشرة.