· لقد بات مصير الرئيس السوري بشار الأسد محسوماً. وعلى الرغم من أنه كان قادراً في أكثر من مناسبة على التراجع عن سياسته، إلاّ إنه صمم على القتال حتى القطرة الأخيرة من دم أنصاره.
· لكن المسألة الأساسية ليست تلك المتعلقة بالمصير الشخصي للأسد، وإنما في كيفية استعداد اللاعبين الإقليميين لتغير النظام في دمشق. فسورية، حتى في حالة ضعفها، ما زالت دولة أساسية في المنطقة، وأي تغيير عميق فيها سيؤدي إلى انعكاسات لا بد أن تظهر في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
· ويبدو أن حزب الله هو بين الأطراف التي ستتلقى ضربة قوية مستقبلاً، إذ يوجد في شمال لبنان ذي الأغلبية السنية عدد من قادة المعارضة السورية لنظام الأسد الذين لا يكنون كثيراً من المودة للشيعة في جنوب لبنان. لذا، يمكننا الافتراض أن العلاقة بحزب الله ستتغير بصورة كاملة، وهذا ما يدركه الحزب ويستعد له.
· ثمة طائفة أخرى قد تتأثر بالتغيير السياسي في دمشق، وهي الطائفة الدرزية، التي طوال الأعوام الماضية كانت جزءاً من تكتل الأقليات المؤيد للرئيس الأسد. فقد شهد الجولان في الفترة الأخيرة تظاهرات مؤيدة للرئيس الأسد ونظامه، لكن قد يستيقظ الدروز ذات يوم ليجدوا السنّة في الحكم، وهؤلاء لن ينسوا إلى جانب مَن وقف الدروز عندما كان المتظاهرون يُقتلون في الشوارع.
· لقد تخلى كل من الأردن وتركيا عن سورية منذ وقت طويل. ويأمل رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، الذي وقف منذ اللحظة الأولى إلى جانب الثورة السورية، بأن تتحول سورية إلى دولة تابعة لتركيا لدى وصول السنّة إلى السلطة هناك. وعلى الرغم من المخاوف الإسرائيلية من هذه التطلعات التركية، إلاّ إن ذلك يجب ألاّ يشكل مشكلة للقدس لأن الحل التركي في سورية أفضل من السيطرة الإيرانية عليها.
· وفي الوقت التي تسعى فيه جامعة الدول العربية للتخلص من الأسد، فإن أغلبية المجتمع الدولي تراقب فشلها في إحداث تغيير في سورية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن جامعة الدول العربية لم تكن يوماً هيئة لديها صلاحيات تنفيذية، وكل ما في مقدروها أن تفعله هو منح الشرعية للتدخل الدبلوماسي أو العسكري الغربي، فهذا ما جرى خلال حرب الخليج الأولى، وما حدث مؤخراً في ليبيا.
· إن هذه هي اللحظة الملائمة لإسرائيل أيضاً كي توضح موقفها مما يجري في سورية. لقد حان الوقت كي تعلن الحكومة الإسرائيلية دعمها للمتظاهرين ضد نظام الأسد، ومن المهم أن يحدث ذلك قبل سقوط هذا النظام، وألاّ تظهر إسرائيل بموقف انتهازي.
إن خضوع بشار الأسد لإيران وحزب الله، وتعاونه مع حركة "حماس"، شكلا خطراً حقيقياً على إسرائيل، وأي نظام سيأتي بعده سيكون أفضل منه.