ضد الفصل بين النساء والرجال في المواصلات العامة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      على الرغم من الاختلاف بين الحالتين، إلاّ إنه لا يمكننا عدم المقارنة بين تانيا روزنبليط، المرأة الشجاعة التي رفضت، لدى صعودها إلى الباص المتوجه من أشدود إلى القدس، الخضوع لقانون الفصل بين النساء والرجال وذلك عبر امتناعها من استخدام المقاعد الخلفية المخصصة للنساء، وبين المناضلة [ السوداء] في سبيل حقوق الإنسان روزا لويس باركس التي صعدت في كانون الأول/ديسمبر 1955 إلى باص في مدينة مونتغمري في الولايات المتحدة، ورفضت التخلي عن مقعدها لرجل أبيض متحدية سياسة الفصل العنصري بين البيض والسود التي كانت مطبقة آنذاك على المواصلات العامة. يومها اعتُقلت روزا وحوكمت بتهمة الإخلال بالنظام العام. وتسببت هذه الحادثة بحركة مقاطعة للباصات العامة قادها مارتن لوثر كينغ، الأمر الذي أدى في نهاية الأمر إلى إلغاء المحكمة العليا في الولايات المتحدة سياسة الفصل العنصري.

·      ويبدو أن روزنبليط التي كانت ترغب فقط  في الوصول بسلام إلى مركز عملها في القدس قد تحولت إلى بطلة رغماً عن إرادتها، إذ من خلال إصرارها على عدم الخضوع للعنف الذي مارسه ضدها الرجال الحريديم [من المتدينين المتشددين]، ورفضها التسوية بين الطرفين بعد استدعاء الشرطة لحل المسألة، أثبتت القدرة على الوقوف في وجه الأطراف المتشددة التي تحاول أن تفرض بالقوة قيمها الظلامية على الملأ، وأظهرت مدى ضرورة عدم الخضوع لهذه القيم.

·      لقد رسمت روزنبليط حدود النضال المدني. فمن الآن وصاعداً يجب أن نخوض هذا النضال يوماً بيوم وساعة بساعة على جميع خطوط الباصات، التي تعترف شركة إيغد [للباصات العامة] بأن الفصل بين النساء والرجال قد انتشر فيها في الفترة الأخيرة.

إنه نضال مهم للغاية ويجب عدم تقديم التنازلات في هذا الشأن، كما يجب عدم التنازل عن حق النساء في الوجود في مجالات المجتمع كافة وضرورة سماع أصواتهن. إن التمييز في حق النساء وإعادتهن إلى وظائفهن التقليدية هو بداية مسار تحويل إسرائيل إلى دولة ضعيفة متطرفة وظلامية. وحسناً فعل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عندما أدان أمس الاعتداء على روزنبليط، لكن الإدانة وحدها لا تكفي، إذ من واجب رئيس الحكومة ووزرائه وجميع هيئات المجتمع المدني الوقوف في وجه عنف التشدد الديني، وألاّ يسمحوا بهذا التدهور اللاديمقراطي الخطر.