· في المؤتمر السنوي الذي عقده مركز صبان للدراسات في واشنطن، المعروف بتوجهاته اليسارية بصورة عامة، حظي الكلام الصادر عن ممثلين كبيرين للإدارة الأميركية، وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع ليون بانيتا، باهتمام كبير في وسائل الإعلام، كما أثار ردات فعل غير إيجابية. فقد شدد بانيتا على موضوعين هما: إيران، والنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي. وبذل كل ما في وسعه من أجل إقناع سامعيه، بأن مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية ليست مفيدة ولا حتى ممكنة، وانتقل من هذه النقطة إلى العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين وطلب من إسرائيل العودة إلى طاولة المفاوضات...
· أمّا كلينتون فقد قررت التركيز على الأخطار المحدقة بالديمقراطية الإسرائيلية في أعقاب المبادرات الإسرائيلية لسن قوانين عزل النساء. مما لا شك فيه أن بعض ملاحظات وزيرة الخارجية صحيحة، كما أن أغلبية الجمهور الإسرائيلي تعارض هذه الظواهر المضرة بالطابع اليهودي والديمقراطي للدولة. لكن ليست هذه هي القضية الأساسية، بل هي: منذ متى تتدخل وزيرة خارجية دولة أجنبية بمثل هذه الشؤون الداخلية؟
· من الصعب ألاّ نشعر بأن كلام كلينتون وبانيتا يعكس توجهات بدأت تبرز أكثر فأكثر في أوساط مختلفة في الولايات المتحدة تريد تلطيخ صورة إسرائيل وإلحاق الضرر بإحدى أهم الدعائم التي تستند إليها إسرائيل من أجل الحصول على تأييد الرأي العام الأميركي، وأقصد القيم المشتركة بين الشعبين وبين الدولتين.
تعتبر أغلبية الجمهور الأميركي إسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، فهل يمكن زعزعة هذا الإجماع؟ هناك أطراف في الولايات المتحدة مصرة على اعتبار الربيع العربي ثورة من أجل الديمقراطية. كما هناك من يعتقد أن في إمكانه إلحاق الضرر بالعلاقات الخاصة مع إسرائيل، وتقليص هامش المناورة لديها.