معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
· شدد وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، في الخطاب الذي ألقاه في مركز صبان في 2 كانون الأول/ديسمبر، على ضرورة أن تنسق إسرائيل مع الولايات المتحدة أي عملية تقوم بها ضد المشروع النووي الإيراني. وجاء هذا الكلام في ظل تصاعد المخاوف داخل الإدارة الأميركية من إقدام إسرائيل على هجوم منفرد ضد إيران. وكان رئيس أركان الجيش الأميركي عبر عن هذه المخاوف بوضوح قبل أسبوع عندما قال "لا أعرف ما إذا كانت إسرائيل ستعلمنا بقرار القيام بعملية عسكرية ضد إيران."
· لقد باتت صورة الوضع في إيران واضحة، وهي تشير إلى أننا نقترب بخطوات سريعة من "لحظة الحقيقة"، وذلك في ضوء مواصلة إيران سباقها من أجل الحصول على القدرة النووية العسكرية، وفشل كل الخطوات التي قام بها الغرب والولايات المتحدة لثنيها عن مواصلة مشروعها هذا. وأبرز دليل على ذلك ما جاء في التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن إيران.
· تدرك الولايات المتحدة جيداً هذا الوضع، وتعرف أن مواصلة الإجراءت الحالية المتخذة ضد إيران في مستواها الراهن لن يمنعها من الاستمرار في تطوير قدرتها النووية. وتعبّر إدارة أوباما، كلامياً، عن رفضها القبول بإيران نووية، وتشدد على أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة بما فيها الخيار العسكري، لكن عملياً يتضح أكثر فأكثر أن لا نية لدى الإدارة الأميركية استخدام الخيار العسكري لوقف المشروع النووي الإيراني، وهذا يعني أن الولايات المتحدة "تفضل" القبول بإيران نووية على المخاطرة بعملية عسكرية ضدها.
· يضع هذا الموقف الأميركي إسرائيل أمام معضلة مصيرية خلال الأشهر المقبلة، إذ سيكون عليها أن تقرر إمّا القبول باحتمال تحول إيران إلى دولة نووية، وإمّا منع ذلك عبر قيامها وحدها بعملية عسكرية ضد إيران. وبالاستناد إلى كلام وزير الدفاع إيهود باراك فإن أمام إسرائيل سنة من أجل القضاء على المشروع النووي الإيراني.
· وفي حال قررت إسرائيل مهاجمة إيران بمفردها فإنها ستواجه مشكلة صعبة، وهي هل سيكون عليها "التنسيق" مع الإدارة الأميركية قبل تنفيذ الهجوم؟ وهل ستحتاج إلى الحصول على الضوء الأخضر من الرئيس أوباما؟ سنحاول مناقشة هذه المشكلة على الصعيد السياسي، مع الافتراض أن إسرائيل قادرة على الصعيد العملاني على تنفيذ الخيار العسكري ضد إيران من دون الحصول على "موافقة" أميركية.
· خلال الأشهر الأخيرة، أوضح مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية بصورة علنية وقاطعة أن الولايات المتحدة ترفض الهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران، وهم بالتالي أوضحوا لإسرائيل أنها لن تحصل على "الضوء الأخضر" الأميركي، الأمر الذي سيقلص بصورة كبيرة هامش المناورة السياسية لدى إسرائيل ويزيد في المخاطر السياسية.
· على رئيس الحكومة نتنياهو أن يعلم بأنه لن يحصل على "ضوء أخضر غير واضح" لشن هجوم عسكري على إيران كالذي حصل عليه رئيس الحكومة الإسرائيلية ليفي أشكول من الرئيس الأميركي جونسون عشية حرب الأيام الستة [سنة 1967]. كما أنه لن يحصل على "ضوء أخضر واضح" مثل الذي حصل عليه رئيس الحكومة إيهود أولمرت من الرئيس بوش الابن عشية قيامه بمهاجمة المنشأة النووية في سورية [سنة 2007]. وسيكون وضعه مشابهاً لوضع بن غوريون عشية عملية قادش [حرب السويس سنة 1956]، وشبيهاً بوضع مناحيم بيغن قبيل قصف المفاعل النووي العراقي [سنة 1981].
· وعلى الرغم من ذلك، فإن في إمكان إسرائيل الافتراض أنها في حال فشل هجومها العسكري على إيران ووجدت نفسها أمام مواجهة إقليمية واسعة النطاق ورد إيراني عنيف يعرض أمنها لخطر كبير، فإن الإدارة الأميركية لن تتخلى عنها معاقبة لها على أنها لم تأخذ موافقتها، وذلك للاعتبارات التالية: أ- شبكة "العلاقات المميزة" القائمة منذ أعوام عديدة بين الدولتين؛ ب- التصريحات الصادرة عن شخصيات كبيرة في الإدارة الأميركية والتي تشدد على التزام الولايات المتحدة بضمان أمن إسرائيل؛ ج- تخوف الولايات المتحدة من أن يؤدي تخليها عن دعم إسرائيل إلى دفع هذه الأخيرة إلى استخدام "قوة الردع الاستراتيجية" التي لديها؛ د- معرفة الإدارة أن الرأي العام والكونغرس سيمارسان ضغطاً كبيراً عليها كي لا تتخلى عن إسرائيل في أوقاتها الحرجة؛ هـ- التخوف من تخلي العديد من الناخبين من اليهود والمؤيدين لإسرائيل عن الرئيس أوباما في الانتخابات المقبلة.
في الخلاصة، يبدو أنه في الأوضاع الحالية، وفي حال قررت إسرائيل القيام منفردة بهجوم عسكري ضد المشروع النووي الإيراني، فإن حصولها على موافقة الإدارة الأميركية سيقيد بصورة خطيرة جداً حرية العملية وربما أيضاً سيمنع حدوثها. وعلى الرغم من ذلك، إذا ما قررت إسرائيل تنفيذ هذا الهجوم، عليها أن تحرص على أن يكون الرئيس الأميركي أول من يحصل على تقارير عن العملية في الوقت الفعلي.