التطرف القومي في إسرائيل بات يشكل خطراً استراتيجياً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·      لم يعد التطرف الديني والقومي في إسرائيل مشكلة داخلية، إذ اتضح هذا الأسبوع أن الإجراءات التي يقوم بها ائتلاف نتنياهو- ليبرمان لقمع حرية التعبير وتقييد نشاط المنظمات اليسارية والجالية العربية، وتصاعد الإكراه الديني في الحياة العامة الإسرائيلية وداخل الجيش، باتا يشكلان خطراً على العلاقة التي تربط إسرائيل بمؤيديها في الغرب، ولا سيما الأجهزة الحكومية ويهود الولايات المتحدة.

·      منذ قيام إسرائيل شكل الدعم الأميركي لها أمراً جوهرياً من أجل ضمان بقائها وأمنها وازدهارها. وقامت "العلاقات المميزة" على القيم المشتركة التي تجمع بين أقوى دولة في العالم وبين "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط". وحتى في الفترات التي برزت فيها انتقادات ضد الاستيطان وعدم احترام حقوق الإنسان في المناطق المحتلة، أبدى الأميركيون احترامهم للنظام الديمقراطي في إسرائيل داخل الخط الأخضر، ودعمت الجالية اليهودية في الولايات المتحدة إسرائيل وسياستها من دون تحفظ.

·      لكن يبدو اليوم أنه حتى أكثر المؤيدين لإسرائيل بدأوا يشعرون باليأس حيالها ويريديون أن يضعوا مسافة بينهم وبينها، رافضين ما يعتبرونه تخلياً إسرائيلياً عن "القيم المشتركة"، وتطرفها القومي والديني وإسكاتها للانتقادات. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قد عبّرت عن قلقها الشديد من موجة القوانين المعادية للديمقراطية، وعلى رأسها قانون الجمعيات [الذي يمنع التمويل الخارجي]، وشبهت ما يجري للجنديات اللواتي يخدمن في الجيش الإسرائيلي بما يحدث للنساء في إيران. كذلك هاجم اتحاد المنظمات اليهودية الأميركية بعنف الحملة الترويجية الرامية إلى تشجيع يهود الولايات المتحدة على العودة إلى إسرائيل، والتي شككت في إمكان ممارسة الحياة اليهودية خارج إسرائيل [يظهر الفيلم الدعائي فتاة صغيرة تكتب لجديها في إسرائيل أنها تحتفل بعيد الميلاد بدلاً من الاحتفال بعيد هاحانوكا (عيد الأنوار)، وينتهي الفيلم بعبارة تقول" قبل أن يتحول عيد هاحانوكا إلى عيد الميلاد، حان الوقت للعودة إلى إسرائيل"].

·      وفي إثر ذلك، أعاد رئيس الحكومة النظر في الموضوع، فألغى الحملة الدعائية وجمد نقاش قانون الجمعيات، لكنه لم يغير الخط العام لحكومته الذي بقي على ما هو عليه، أي شعور إسرائيل بأنها وحيدة في مواجهة "الربيع العربي" وصعود الحركات الإسلامية في الدول العربية، وهي تعاني من خيبة الأمل بسبب التراخي الأميركي في مواجهة الخطر النووي الإيراني، لذا فهي بدأت تتبنى القيم السائدة في الشرق الأوسط، وتبتعد عن الأسس التي تعتمدها الديمقراطيات الغربية.

·      إن ما تحتاجه إسرائيل اليوم هو زعامة قادرة على إنقاذها من العزلة  وعلى تقريبها من المجتمع الدولي.