العملية الإسرائيلية في نابلس لن تؤدي إلى تصعيد شامل وفقاً لمسؤولين في قيادة المنطقة الوسطى
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·      على الرغم من أن العملية العسكرية الإسرائيلية التي نفذت في نابلس، السبت الفائت [قامت قوات الجيش الإسرائيلي، خلالها، باغتيال ثلاثة ناشطين فلسطينيين من حركة "فتح"]، لم تكن على ما يبدو عملية تصفية خُطط لها مسبقاً، إلا إنها كانت شبيهة بذلك، وحملت رسالة واضحة إلى الخلايا "الإرهابية" المتمردة في "فتح"، وإلى السلطة الفلسطينية، على حد سواء. ويبدو أن جنود وحدة المستعربين العسكرية الإسرائيلية [الذين نفذوا العملية] تلقوا أوامر "مرنة" فيما يتعلق بإطلاق النار.

·      وقد أفاد شهود عيان فلسطينيون، تحدثوا مع محققين من منظمة "بتسيلم"، أن اثنين من الناشطين الفلسطينيين، على الأقل، وهما رائد السركجي وغسان أبو شرخ، لم يكونا مسلحين عندما حوصر بيتاهما ولم يحاولا الفرار قطّ. وحتى وفقاً لرواية الجيش الإسرائيلي فإن كليهما لم يطلقا النار على جنود وحدة المستعربين. كما أن القتيل الثالث، وهو عنان صبح، حصل، قبل نحو شهر، على عفو مشروط من إسرائيل في إطار اتفاق المطلوبين، وكان يعمل في جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية. وتتراوح أعمار القتلى الثلاثة بين 33 ـ 41 عاماً، أي أكبر من العمر المتوسط للناشطين "الإرهابيين".

·      على الرغم من ذلك، فإنه إذا كان الاتهام الإسرائيلي لهؤلاء الثلاثة بالمسؤولية عن عملية قتل مستوطن إسرائيلي، الخميس الفائت، صحيحاً، فإن هذه الحالة تعتبر شاذة بالنسبة إلى المطلوبين من "فتح" في الفترة الحالية. ولعل الأمر يتعلق بنزعة جديدة بين أوساط جزء من الناشطين الميدانيين، وذلك في ضوء الطريق المسدودة، التي بلغتها العملية السياسية مع إسرائيل.

·      لا شك أيضاً في أن هذه العملية العسكرية الإسرائيلية تنطوي على إشارة إلى المستوطنين [في الضفة الغربية]، الذين يتملكهم الغضب الشديد جراء عملية قتل المستوطن والقرار الحكومي القاضي بتجميد أعمال البناء في المستوطنات، وفحواها أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا تزال مصرّة على العمل بحزم ضد "الإرهابيين". في الوقت نفسه، فإن هذا الإصرار مفهوم جيداً للجانب الفلسطيني أيضاً. وعلى ما يبدو فإن إسرائيل لن تسلم بوقوع عمليات قتل في الشوارع، على الرغم من ترميم التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، خلال العامين الفائتين.

·      غير أن المسؤولين في السلطة الفلسطينية يدعون أن سلوك إسرائيل كان متسرعاً، وبذا فإنها أحرجت رئيس السلطة، محمود عباس، الذي قام قبل أسبوعين بزيارة إلى نابلس وتكلم بقسوة ضد استعمال العنف، فضلاً عن أنها عززت قوة "حماس" في الضفة الغربية. في مقابل ذلك فإن المسؤولين في قيادة المنطقة الوسطى يعتقدون أنه يمكن تجنب التصعيد الشامل، وأن العملية العسكرية في نابلس لا تنطوي على انعطافة ذات دلالة استراتيجية.

·      تبقى هناك صعوبة أخرى، في هذه الحالة، هي أن التطورات في الضفة الغربية مقترنة بما يحدث في قطاع غزة. وقد قامت قوات الجيش الإسرائيلي، ليلة الجمعة الفائتة، بقتل ثلاثة فلسطينيين في منطقة الحدود مع القطاع، ادعت أنهم اقتربوا من السياج الأمني وفي حيازتهم عبوة ناسفة، ويبدو أنهم منتمون إلى فصيل منشق عن "فتح". ومن شأن مقتلهم، بالتزامن مع ذكرى مرور عام على عملية "الرصاص المسبوك"، أن يؤدي إلى إطلاق صواريخ القسام على مستوطنات النقب. غير أن الجانب الفلسطيني في غزة لديه مصلحة، لا تقل عن مصلحة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، في الحفاظ على الهدوء. ومن الصعب أن نصدق أن "حماس" معنية، في هذه المرحلة، بخوض مواجهة أخرى مع الجيش الإسرائيلي.