· يتحدث كبار قادة الجيش الإسرائيلي عن "حماس"، بعد مرور عام واحد على عملية "الرصاص المسبوك" في غزة، كما يتحدثون عن حزب الله في لبنان، أي عن قيام هذه الحركة بتهريب صواريخ أبعد مدى وأكثر قوة [إلى قطاع غزة] وتحصين مواقعها تحت الأرض. ومع أنه من غير الواضح ما إذا كانت حال "حماس" على هذا النحو فعلاً، إلا أن الأمر المؤكد هو أن رؤية الجيش الإسرائيلي هي القاعدة التي تحسم قرارات المؤسسة السياسية.
· إن النتيجة النهائية المترتبة على ذلك هي أنه ما عاد هناك مسؤول واحد في إسرائيل يتحدث عن إسقاط سلطة "حماس" في غزة، بواسطة ممارسة ضغوط عسكرية أو اقتصادية كبيرة عليها، أو عن التفاوض معها. وما تبقى كله هو انتظار المواجهة العسكرية المقبلة، التي ستكون أشد قوة، وستعقبها تهدئة في الطريق إلى مواجهة أخرى.
· من ناحية أخرى، يبدو أن "حماس" استخلصت هي أيضًا الدروس من عملية "الرصاص المسبوك"، وبموجب تقويمات الجيش الإسرائيلي فإن استنتاجاتها من تلك العملية شبيهة باستنتاجات حزب الله من حرب لبنان الثانية [صيف 2006]. ولم يكن ذلك من قبيل المصادفة، ذلك أن إيران كانت في الحالتين في مركز عمليات التحليل واستخلاص الدروس وإعادة البناء.
· إن الدرس الأساسي، الذي استخلصته "حماس"، هو أن الجانب الأضعف في المواجهة يجب أن يبقى غير مرئي، وأن يهدد نقطة الضعف لدى الجانب الأقوى، وأولاً وقبل أي شيء أن يهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية. لكن الحركة تبذل، في الوقت نفسه، جهودًا كبيرة من أجل إدخال سلاح مضاد للطائرات إلى القطاع، ومن أجل تطوير السلاح المضاد للدبابات الموجود في حيازتها، والذي لم تستعمله في إبان عملية "الرصاص المسبوك". كما أنها تعطي أولوية لتهريب قذائف هاون ثقيلة وصواريخ من إنتاج إيراني. ويتم تهريب الصواريخ قطعًا، ويجري تركيبها في القطاع. ولذا فإن "حماس" قامت، مؤخرًا، بتجربة إطلاق أحد هذه الصواريخ كي تتأكد من صحة تركيبه.
· وتؤكد مصادر رفيعة المستوى في الجيش الإسرائيلي أن سلطة "حماس" في غزة مستقرة. وعلى الرغم من أن الحصار يزيد من صعوبات حياة السكان المدنيين، إلا أنه لا يدفعهم إلى التمرد وإنما على العكس. كما أن نجاح الحركة في فرض التهدئة على سائر الفصائل الفلسطينية يؤكد قوة سيطرتها على القطاع. وقد أكد أحد كبار الضباط الإسرائيليين، بلهجة ساخرة، أن "حماس" تنفذ ما وعد [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس بتنفيذه في الضفة الغربية، وهو سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد.