· إن المشاعر الرسمية والشعبية الجيّاشة، التي تفيض في الوقت الحالي، بالتزامن مع تواتر الحديث عن "صفقة شاليط" [صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل و"حماس"، التي ستؤدي إلى الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير في غزة غلعاد شاليط]، يجب أن لا تتقدم على السياسة أو المصالح الإسرائيلية الوطنية.
· وعلى ما يبدو، فإن المعارضة الكبيرة للصفقة، والتي ميزت حتى الآن مواقف رؤساء الأجهزة الأمنية كلها، وكذلك مواقف رئيس الحكومة الحالية، بنيامين نتنياهو، ومعظم وزرائه، ناجمة عن إدراكهم أن الحديث يدور على خنوع لا على صفقة حقيقية. كما أن هؤلاء جميعاً يدركون أنه في المواجهة المقبلة أو في الانتفاضة [الفلسطينية] الثالثة، التي لا بُد من أن تندلع، فإن البنية التحتية العسكرية ـ "الإرهابية" الفلسطينية ستحظى نتيجة ذلك بتعزيزات كبيرة.
· إن القيادة الإسرائيلية تدرك، تماماً، أن الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، ولا سيما "ذوي العيار الثقيل"، هو بمثابة تشجيع لـ "الإرهاب"، أي بمثابة حبوب منشطة للكفاح العنيف ضد إسرائيل، فضلاً عن أنه يمس فكرة الردع بصورة كبيرة.
· ومع ذلك، فإن هذه القيادة تتمسك بالصفقة. فما الذي حدث لها؟ لو كان الحديث يدور على مصالح استراتيجية، لما كان أحد اعترض، ولو أن هناك ضغوطاً كبيرة تُمارس على إسرائيل لكان من المنطقي أن يتراجع نتنياهو، لكن "صفقة شاليط" لا تنطوي على أي مصالح استراتيجية، ولا أحد يمارس ضغوطاً على إسرائيل من أجل تنفيذها.
وفي المحصلة، فإن ما يتعين قوله هو أنه منذ اللحظة التي وافقت إسرائيل فيها على مبدأ الوساطة، فإن الخنوع أصبح هو الخيار الوحيد. إن مجرد الدخول في عملية تكون نهايتها نتيجة واحدة فقط، يُعتبر عاراً، وقد أصبح هذا العار واقعاً.