· يبدو أنه لا يوجد أي سبب وجيه يحول، في الوقت الحالي، دون استئناف الحوار بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك عقب إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مراراً وتكراراً، استعداده للعودة إلى المفاوضات بشأن الحل الدائم من دون شروط مسبقة، وأساساً في إثر قرار تجميد البناء في يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
· وفي واقع الأمر، فإن الفلسطينيين كانوا يطالبون، على امتداد الفترة 2001 -2007، بمثل هذا الوضع، وكانت إسرائيل هي التي ترفض. ولذا فإن السؤال المطروح هو: لماذا يرفض الفلسطينيون يد نتنياهو الممدودة إليهم؟
· إن التفسير المتداول لذلك هو أن الفلسطينيين يخشون أن يكون نتنياهو أكثر تصلباً من سلفه [إيهود أولمرت]، الأمر الذي سيجعل إمكان التوصل إلى اتفاق دائم معه صعباً للغاية. ومع أن هذا التفسير صحيح، إلا إنه يبقى ناقصاً، فالتفسير الحقيقي هو أن الفلسطينيين لا يؤمنون بأن في الإمكان التوصل إلى اتفاق دائم مع إسرائيل، بواسطة المفاوضات المباشرة، وهم يفضلون حالياً أن يصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى هذا الاستنتاج أيضاً، كما سبق أن وصل إليه الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، في سنة 2000، فبادر إلى تقديم خطة عينية من أجل التوصل إلى اتفاق كهذا.
· ويعتقد الفلسطينيون أنه في حال قيام أوباما بتقديم خطة للسلام، فإنها ستنطوي على ثلاث مزايا إيجابية: أولاً، ستكون أكثر تأييداً للفلسطينيين من خطة كلينتون؛ ثانياً، إن أوباما لا يزال في بداية ولايته، خلافاً لكلينتون الذي كان في آخر ولايته، فضلاً عن أنه يحمل على كاهله الالتزام المترتب على منحه جائزة نوبل للسلام؛ ثالثاً، سيرغب أوباما في تجنيد تأييد دولي لخطته، وعندها سيكون مضطراً إلى جعل الخطة أكثر تأييداً لمطالب الفلسطينيين.
ما الذي يتعين على إسرائيل أن تفعله إزاء ذلك؟ عليها أن تمرر رسالتين إلى الإدارة الأميركية: الأولى، أنه بعد أن تم الاتفاق على حل المشكلة الصغرى (تجميد الاستيطان) أصبح من الممكن الآن الاهتمام بحل المشكلة الكبرى (المفاوضات المباشرة)؛ الثانية، أن فرض أي خطة أميركية يُعتبر خطراً على سمعة الولايات المتحدة أيضاً، إذ إن فشلها سيجعل قدرة الرئيس الأميركي على قيادة عمليات سياسية أخرى محدودة للغاية.