· عرض "معهد ريئوت" [معهد إسرائيلي للتخطيط الاستراتيجي]، خلال مؤتمر هيرتسليا العاشر، قبل نحو شهر، موجز دراسة قام بإنجازها بشأن مسألة نزع شرعية إسرائيل في أنحاء العالم. وهذا المعهد يستحق تقديراً كبيراً، كونه طرح موضوعاً ومشكلة يعتبران بمثابة تحد استراتيجي مهم ومصيري تواجهه إسرائيل في الوقت الحالي. ومع ذلك، فإن أياً من كبار السياسيين الإسرائيليين لم يكلف نفسه عناء الاستجابة لهذا التحدي.
· وفي واقع الأمر، فإن خطر فقدان شرعية الوجود يحوم فوق رأس إسرائيل فعلاً، ويعتبر الخطر الأكبر الذي يتهدد وجودنا القومي حالياً، وهو خطر ليس نظرياً وإنما يمكن أن يتحقق في العقود المقبلة.
· من ناحية أخرى، فإن دراسة "معهد ريئوت" تشير إلى نقطة مهمة أخرى، فحواها أن إسرائيل ما زالت متمسكة بالتقويمات التقليدية التي ترى أن الخطر العسكري هو الخطر الوحيد الذي يتهدد وجودنا القومي، ولذا يتعين عليها إيجاد جواب عسكري عنه.
· ومع أننا ندين الاستنتاجات التي توصل إليها تقرير لجنة غولدستون فيما يتعلق بعملية "الرصاص المسبوك" في غزة، إلا إننا لا نفعل شيئاً من أجل عدم تكرار مثل هذا الأمر في المستقبل. فمن المعروف أن تقرير غولدستون وحملة نزع الشرعية عن إسرائيل يركزان جلّ هجومهما على الواقع القائم، وهو الواقع الذي تقوم إسرائيل فيه بخطوات عسكرية تهدف إلى الاستمرار في الحفاظ على الاحتلال العسكري، وإلى قمع المقاومة الفلسطينية العسكرية والسياسية، الأمر الذي يؤدي إلى تقليص حيّز المرونة من أجل إجراء محادثات والتوصل إلى اتفاق. بناء على ذلك، فإنه من دون إحداث تغيير جذري في السياسة الإسرائيلية القائمة، ومن دون إلغاء الواقع القائم على أساس فرض سيطرتنا على شعب آخر، فإن حملة نزع الشرعية عن إسرائيل لن تختفي، بل على العكس ستتفاقم.
· ولا شك في أن تغيير السياسة الإسرائيلية هو خطوة لا تهدف إلى كسب رضا الفلسطينيين، أساساً، وإنما إلى كسب رضا العالم الحرّ، ذلك بأن تغييراً كهذا من شأنه أن يجعل هذا العالم يكف عن حملة نزع الشرعية عن إسرائيل.