·       من المنطقي الافتراض أن الإدارة الأميركية لن تمنح إسرائيل ضوءاً أخضر لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وبناء على ذلك، فإن الاعتقاد السائد لدى أجهزة الاستخبارات والقيادات السياسية في معظم الدول الغربية هو أن إسرائيل لن تُقدم على شنّ هجوم كهذا.

·       غير أن هذا الاعتقاد خطأ من أساسه، ويعكس فهماً سطحياً للروح الإسرائيلية الجماعية ولعملية اتخاذ القرار في إسرائيل.

·       وبطبيعة الحال، فإن من السهل إيجاد مسوّغات من العيار الثقيل لهذا الاعتقاد، منها مثلاً الأضرار الكبيرة التي ستلحق بعلاقات إسرائيل بالولايات المتحدة، وتعقيدات الهجوم الإسرائيلي من الناحية العملانية، وردة الفعل الإيرانية المتوقعة، والغضب الأوروبي، واحتمالات قطع العلاقات الدبلوماسية مع روسيا والصين. ومع ذلك، فإن هذه المسوّغات كلها لن تحتل المرتبة الأولى في سلم أولويات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ويمكن القول سلم أولويات أي رئيس حكومة آخر.

·       إن الاعتبار الأهم لقيام إسرائيل بشنّ هجوم على إيران، والذي سيحتل المرتبة الأولى في سلم أولويات رئيس الحكومة، هو عدم تعريض الشعب اليهودي لمحرقة أخرى. ولا يمكن فهم الإسرائيليين والروح الإسرائيلية الجماعية من دون فهم مدى تغلغل ذاكرة المحرقة في قلب وعقل كل فرد يهودي في الدولة، باعتبارها حدثاً يمكن أن يقع مرة أخرى غداً، لا باعتبارها تاريخاً بعيداً.

·       بناء على ذلك، يمكن القول إن الاعتبار الأهم، الذي سيرجح كفة قيام إسرائيل بمهاجمة إيران، هو الاعتبار نفسه الذي بسببه قرر [رئيس الحكومة الأسبق] مناحم بيغن قصف المفاعل النووي العراقي [في سنة 1981]، والذي بسببه تقرر قصف المفاعل النووي السوري [في سنة 2007]، وفحواه منع أي دولة تتطلع إلى القضاء على إسرائيل من امتلاك الوسائل الكفيلة بفعل ذلك. وفي حال تلقي معلومات تفيد بأن إيران أصبحت قريبة جداً من إنتاج قنبلة نووية، وأن الجهود المبذولة من أجل كبح ذلك مُنيت بالفشل، فإن نتنياهو، وكذلك أي رئيس حكومة آخر، سيتخذان قرارًا واحدًا فقط [هو مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية].

·       إن الطريق لمنع هجوم إسرائيلي ليست كامنة في ممارسة ضغوط على إسرائيل، وإنما في فرض عقوبات فاعلة على إيران تجعلها تدرك أن برنامجها النووي يهدد استقرار سلطتها، بل حتى مجرد بقائهـا.