ضوء أحمر آخر من طرف تركيا
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

·      إن المعارضة المفاجئة من طرف أنقرة لاشتراك سلاح الجو الإسرائيلي في المناورة الجوية الدولية في سماء تركيا، هي بمثابة ضوء أحمر آخر من جانب حكومة رجب طيب أردوغان، فيما يتعلق بسياسة إسرائيل إزاء القضية الفلسطينية، وهو يُضاف إلى سلسلة طويلة من الاحتجاجات والتحذيرات المماثلة في هذا الشأن، والتي سبق أن صدرت عن دول إسلامية وعربية براغماتية، بما فيها مصر والأردن اللتان وقعتا اتفاقيتي سلام مع إسرائيل.

·      من المعروف أن تركيا كانت أول دولة إسلامية إقليمية عظمى تعترف بإسرائيل، وذلك في سنة 1949، وقد قامت، بمرور الأعوام، بتطوير تعاون وثيق معها، في المجالات الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية. وكان السبب في ذلك عوامل كثيرة، منها: نظام الحكم العلماني في تركيا؛ علاقات تركيا السيئة مع الدول العربية، وأساساً مع سورية؛ المساعدات التي قدمتها الجالية اليهودية في واشنطن إلى تركيا، وخصوصاً فيما يتعلق بالموضوع الأرمني.

·      غير أن تركيا بدأت، في إثر حرب حزيران/ يونيو 1967، بتصعيد موقفها الرسمي المعلن إزاء استمرار الاحتلال الإسرائيلي للمناطق العربية والفلسطينية، وخصوصاً للقدس الشرقية، وذلك في ضوء تحسن علاقاتها مع العالمين العربي والإسلامي، وتعزّز قوة الإسلام السياسي، واتساع التضامن الشعبي مع الفلسطينيين. وبناء على ذلك، قامت، في سنة 1980، مثلاً، بتخفيض مستوى تمثيلها الدبلوماسي في إسرائيل، رداً على قرار ضم القدس الشرقية إلى "القدس الموحدة، عاصمة إسرائيل".

·      وعقب مؤتمر مدريد (في سنة 1991) واتفاق أوسلو (في سنة 1993)، توثقت علاقات تركيا الاستراتيجية والاقتصادية مع إسرائيل بصورة كبيرة، لكن مع اندلاع انتفاضة الأقصى (في سنة 2000) تعاظمت المعارضة الإسلامية الشعبية لإسرائيل، وأثّرت في قادة السلطة، من العلمانيين والمتدينين على حدّ سواء. وقد بلغت هذه المعارضة ذروتها في إثر عملية "الرصاص المسبوك" في غزة (في أواخر سنة 2008)، إذ اتهم رئيس الحكومة أردوغان إسرائيل بـ "ارتكاب جرائم ضد الإنسانية" مؤكداً أن "الله سيعاقبها".

·      إن هذه المواقف المعادية لإسرائيل لا تهدف إلى إرضاء الإسلام السياسي في تركيا فقط، إذ إنه من المعروف أن القادة الأتراك يتعاطفون مع معاناة الفلسطينيين في المناطق [المحتلة]، ويؤيدون إقامة دولة فلسطينية في جوار إسرائيل، (ويؤيدون التوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي ـ سوري). كما أن تركيا تؤيد مبادرة السلام السعودية التي طُرحت منذ سنة 2002، والتي عرضت على إسرائيل، لأول مرة في تاريخ النزاع الإسرائيلي ـ العربي، السلام والأمن والعلاقات الطبيعية، شرط أن تنسحب إلى حدود ما قبل حزيران/ يونيو 1967، وأن توافق على إقامة دولة فلسطينية في المناطق [المحتلة]، تكون القدس الشرقية عاصمة لها.

كما أن تركيا هي عضو بارز في منظمة الدول الإسلامية التي أيدت لأول مرة في سنة 2003 قرار الأمم المتحدة رقم 181، الذي اتُّخذ في تشرين الثاني/ نوفمبر 1947، والذي دعا إلى إقامة دولة عربية وأخرى يهودية على أرض إسرائيل [فلسطين]. ويبدو أن هذا موقف معظم الأسرة الدولية، بما فيها الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. بناء على ذلك، فإن السؤال المطروح الآن هو: هل تدرك الحكومة الإسرائيلية فحوى هذه الإشارات والرسائل كلها؟