· لا شك في أن ردة الفعل الإسرائيلية على مبادرات السلام الصادرة من سورية، قبل تفاقم حملة التهديدات الأخيرة، تنطوي على دلالات سلبية، وتعيد إلى الأذهان ردة فعل إسرائيلية شبيهة على مبادرة السلام السعودية ـ العربية.
· ومن المعروف أن مبادرة السلام السعودية، التي شملت اقتراحاً بسلام شامل مع الدول العربية كلها، حظيت في حينه [في سنة 2002] بردة فعل إسرائيلية فاترة للغاية، إلى حدّ أنها سرعان ما اختفت من جدول الأعمال العام، بل حتى من الوعي أيضاً. وعلى ما يبدو، فإن مبادرات السلام السورية ستواجه، هي أيضاً، المصير نفسه.
· فعلى الرغم من قيام الرئيس السوري بشار الأسد، منذ أشهر طويلة، بالإعراب عن رغبته في السلام، إلا إن إسرائيل تتجاهل الموضوع كلياً، ذلك بأن يدهـا ممدودة إلى السلام مع الولايات المتحدة، لا مع الشرق الأوسط.
· وبطبيعة الحال، فإن مبادرات السلام السورية هذه، شأنها شأن مبادرة السلام السعودية، ليست خالية من التعقيدات، ويتعين دراستها بعمق قبل توقيع اتفاق سلام بناء عليها، غير أن ردة الفعل الإسرائيلية عليها لا تندرج في إطار التعبير المعقول عن الحذر إزاءها، وإنما هي بمثابة رفض مطلق لها.
· ولعل ما تجدر الإشارة إليه، في هذه الحالة، هو أنه في سبعينيات القرن الفائت حاول المصريون، بقيادة [الرئيس المصري السابق] أنور السادات، التوصل إلى تسوية مع إسرائيل، لكن هذه الأخيرة رفضت اقتراحاتهم واعتبرتها خطرة. وفي إثر ذلك، قام المصريون بشنّ حرب علينا [حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973]. وقد ورد في الأوامر، التي أصدرها السادات في حينه (وفقاً لوثيقة سرية لم تكن لأغراض الدعاية) أن هذه الحرب تهدف إلى تحريك عملية سياسية لا يرغب الإسرائيليون فيها، لأنهم لا يفهمون إلا لغة القوة. وأدّت الحرب إلى سقوط ضحايا كثيرة، وقد قامت إسرائيل فيما بتعد، بتوقيع اتفاق سلام بموجب الشروط نفسها، التي رفضتها بصلف قبل الحرب.
· إن ما يجب قوله الآن هو أن إسرائيل لديها مصلحة مصيرية في السلام، لكن يبدو أن الحكومة الحالية ليس لديها مصلحة من هذا القبيل.