بداية تغيير في مواقف الرئيس أوباما حيال العملية السلمية الشرق أوسطية
المصدر
Israel Defense

موقع إلكتروني متخصص بالمسائل العسكرية، يصدر باللغتين العبرية والإنكليزية.

المؤلف

·      في المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس باراك أوباما في سيئول في 25/4/2014 سئل عن عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية. ومن أهم النقاط التي برزت في كلامه أن النزاع في الشرق الأوسط مشكلة مستمرة منذ ستين، سبعين، وحتى ثمانين عاماً، وقال: "لم نعتقد أننا قادرون على حل هذا النزاع خلال ستة إلى تسعة أشهر من المفاوضات". وتابع: "إن مهمتي كرئيس هي الاهتمام بمجموعة واسعة من المشكلات العالمية في وقت واحد، وليس لديّ امتياز اختيار مشكلة واحدة أركز كل اهتمامي عليها".

·      أضاف: "ما تزال مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل والفلسطينيين البحث في ما إذا كان ممكناً التوصل إلى حل لهذا النزاع القابل للانفجار. وحتى الآن، رأينا تقدماً معيناً تجلى في اعتراف الطرفين بأنهما يواجهان نزاعاً مستمراً منذ أعوام كثيرة وينبغي التوصل الى حل له. لكننا لم نلحظ حتى الآن إرادة سياسية لدى الطرفين لاتخاذ قرارت صعبة من أجل التوصل إلى تسوية. وينطبق هذا على الطرفين".

·      ولدى تطرقه إلى اتفاق المصالحة الفلسطينية قال: "إن القرار غير المفيد الذي اتخذه أبو مازن للبدء في حوار مع حماس، خطوة ضمن سلسلة خطوات غير مفيدة اتخذها الطرفان ولا تساهم في جهود حل النزاع".

·      لكن على الرغم من ذلك، فقد أوضح أوباما للطرفين أنه: "في كل حوار يصل الطرفان أحياناً إلى نقطة يجب فيها التوقف لدرس الخيارات المطروحة أمامهما. وفي استطاعة الطرفين التمسك بمواقف متشددة وتقديم كل أنواع الخيارات للحل، لكن واقعياً ثمة خيار واحد جدي مطروح هو خطة حل الدولتين: الدولة اليهودية الديمقراطية إلى جانب الدولة الفلسطينية. وهذا يتطلب من الطرفين القبول بتسويات سياسية صعبة. وحتى الآن لم نر استعداداً لدى الطرفين للمضي في هذا الاتجاه. سنواصل تشجيع الطرفين على المضي في هذا الطريق وسنقترح عليهم بدائل مختلفة. لست مستعداً للاعتذار عن ذلك، فهذا هو الطريق الصحيح. لكن إذا سألتموني هل أتوقع أن يحدث ذلك في الأسبوع المقبل أو الشهر المقبل وحتى في الأشهر الستة المقبلة، فإن جوابي هو: لا".

·      تضمن كلام الرئيس أوباما رسائل فائقة الأهمية وبعيدة المدى في ما يتعلق بمشكلات العملية السلمية الشرق أوسطية. ويجب ألا تخدعنا اللهجة الهادئة والمنضبطة لهذا الكلام، ويمكننا القول إن هذا الكلام يشكل تحولاً مهماً في مواقف الرئيس حيال عملية السلام في الشرق الأوسط.

·      وفيما يلي جوهر هذا التحول: ازدياد اقتناع الرئيس الأميركي بأن النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني نزاع طويل وشديد التعقيد والحساسية، ولذلك من غير المتوقع حدوث تحول فيه في المدى المنظور. كما أنه في ظل الظروف القائمة لا يمكن تحميل أي طرف من الطرفين تهمة عدم التوصل إلى اتفاق، فالمسؤولية عن عدم حدوث تقدم يتحملها الطرفان معاً. علاوة على ذلك، تواجه الولايات المتحدة مجموعة من التحديات الاستراتيجية على الساحة الدولية تتطلب اهتمامها، وعملية السلام الشرق أوسطية هي واحدة من بين هذه التحديات فقط، وليست بالضرورة الأكثر أهمية بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة.

·      كما لا يبدو أن الطرفين مستعدان للإقدام على التسويات الصعبة التي يتطلبها التوصل إلى حل. وقدرة الإدارة الأميركية على أن تفرض على الطرفين تغيير مواقفهما محدودة. وفي اللحظة الزمنية الحالية، وفي ظل الخلافات الكبيرة بين الطرفين، من الأفضل إيقاف عملية السلام لفترة من الوقت.

·      إن مواقف الرئيس الأميركي هذه تبدو بعيدة "سنوات ضوئية" عن المواقف التي اتخذها خلال مدة ولايته الأولى وكان من أبرزها اعتبار الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني ذي أهمية استراتيجية بعيدة المدى بالنسبة للولايات المتحدة، واعتبار أن التوصل إلى حل له سيهيّئ واقعاً أكثر ملاءمة للولايات المتحدة على الصعيد الدولي عامة، وعلى صعيد الدول الإسلامية خاصة، ولذا يجب أن يكون الموضوع في مقدمة جدول أولويات الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، فقد اعتقد الرئيس أوباما أن في الإمكان التوصل إلى خطة متفق عليها للحل يتبناها الطرفان أو يضطران إلى تبنيها، خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً.

·      على الصعيد الداخلي الأميركي، يشكل كلام الرئيس اعتراضاً واضحاً على مواقف وزير الخارجية جون كيري. ويجب ألا نخدع بالمجاملات والكلام اللطيف الذي يغدقه الرئيس على كيري، إذ  أن هذا الكلام يوضح لوزير خارجيته علناً أن تركيز اهتمام الولايات المتحدة على الشأن الشرق أوسطي لم يعد مقبولاً. كما حرص الرئيس على التشديد على أن إصرار وزير الخارجية على مواصلة عملية السلام برغم الفشل لا يعجبه.

وفي الختام، يشدد الرئيس على الحاجة إلى نهج متوازن بدلاً من تحميل المسؤولية عن عدم التوصل إلى حل إلى طرف واحد. وتتعارض هذه النظرة بصورة بارزة مع توجه وزير الخارجية نحو تحميل دولة إسرائيل ولا سيما سياستها الاستيطانية، مسؤولية فشل عملية السلام.