على الحكومة الإسرائيلية أن تدرس بصورة جادة خيار القضاء على حركة "حماس" عسكرياً
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

·      يمكن القول إن ردود إسرائيل على الخطوات الفلسطينية الأخيرة وفي مقدمها اتفاق المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس"، كانت "محسوبة بدقّة" على حدّ قول الناطقين بلسان الحكومة. وتمثلت بعقوبات اقتصادية حذرة وحملة دعائية لتسويد صفحة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في أنحاء العالم، وتوجيه النقد إلى رد فعل الإدارة الأميركية الذي اتسم بالتراخي.

·      وعلى المستوى الداخلي دعا وزراء الحكومة الإسرائيلية المعارضة البرلمانية إلى أن تدع الخلافات المعتادة في الرأي جانباً، وتؤيد زعماء الدولة في المعركة التي تواجهها هذه الدولة، وأن تتبنى شعار "لا مفاوضات مع إرهابيين" ولا مع من يدعمونهم.

·      إن السؤال المهّم الذي يجب طرحه الآن هو: ماذا سيحدث لحركة "حماس" في ظل الوضع الجديد الذي نشأ؟.

·      يتفق الجميع على تقدير فحواه أن هذه الحركة تواجه أقسى مرحلة في تاريخها، فقد سارعت إلى الارتماء في أحضان حركة "فتح" التي تعتبرها خصماً لدوداً لها بعد سلسلة هزائم طويلة تمثلت بطرد قاعدتها من دمشق، وتقليص إيران المساعدات المقدمة لها بسبب آخر المواقف التي اتخذتها، وإعلان مصر التي كانت إلى وقت قريب بمثابة جبهة داخلية ودعامة استراتيجية لها، أنها منظمة إرهابية.

·      وفي الساحة الدولية تمتنع الولايات المتحدة عن إجراء أي اتصال مع "حماس" وفقاً للقانون الأميركي، وتلتزم أوروبا ألا تعترف بها إلى أن تتبنى شروط الرباعية الدولية، وتركيا غارقة في صراعات داخلية تحول دون أن ينشغل رئيس حكومتها رجب طيب أردوغان بقضية قطاع غزة، وأغلبية الدول العربية والإسلامية ضاقت ذرعاً بقطاع غزة.

·      في ضوء ذلك كله، أصبحت "حماس" أكثر عزلة وذُلاً وضعفاً من أي وقت مضى. إن نقطة الضوء الوحيدة الباقية هي روسيا التي تلتزم بقرارات الرباعية الدولية بسبب عضويتها فيها، لكنها في الوقت عينه تؤيد الاتفاق الفلسطيني الداخلي، بل إن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف اتصل هاتفياً بزعيم "حماس" خالد مشعل وهنأه على اتفاق المصالحة مع "فتح".

·      برأيي، فإن الوقت الحالي هو الأفضل الذي يجب فيه على حكومة إسرائيل أن تدرس بصورة جادة خيار القضاء على "حماس" عسكرياً، حيث من المتوقع ألا يهبّ أحد لنجدتها، وألا يحثّ أحد الرأي العام الدولي على إنقاذها، وألا يقترح أحد إقامة لجنة تحقيق دولية لتقصي وقائع هذه الحرب. وهكذا يكون بإمكان رئيس الحكومة "أن يجتث التهديد من جذوره" ويمنع سيطرة "حماس" في المستقبل على يهودا والسامرة [الضفة الغربية] في ظل حكومة وحدة وطنية فلسطينية.

·      صحيح أن حرباً كهذه من شأنها أن تجبي من إسرائيل ثمناً باهظاً من الخسائر البشرية والمادية، لكن في حال نجاحنا في هذه المهمة فسنسقط أكبر خطر يواجهنا وهو تهديد "حماس" بالقضاء على إسرائيل الذي لا يكلّ الناطقون بلسان الحكومة عن ذكره.

·      كما أن هذا الإجراء سيلحق ضرراً كبيراً بحزب الله الذي أعلن زعيمه أخيراً أنه لا يرغب بمحاربة إسرائيل. وفي هذا السياق فقط يمكن أن يتفهم الجميع في إسرائيل إعداد الرأي العام لمعركة كبرى.

·      إن سرعة الأحداث في الشرق الأوسط تستلزم اتخاذ قرارات في أسرع وقت ما دام العالم مشغولاً بأزمة أوكرانيا (التي بسببها لن تسرع روسيا للتدخل من أجل "حماس")، وقبل أن يدخل الاقتصاد الدولي دوامة في أزمة أخرى.

·      إذا لم تنتهز إسرائيل هذه الفرصة النادرة فقد تتغير الظروف وتبقى "حماس" وتتمكن من استعادة قوتها. وعندها سترى دول المنطقة أن إسرائيل حتى في ظل الحالة النموذجية التي وصفت، أحجمت عن خوض مواجهة مصيرية مع عدوتها الضعيفة التي ما زالت تتطلع إلى القضاء عليها. وقد تكون لهذه النتيجة آثار بعيدة المدى على مكانة إسرائيل كواحدة من القوى الإقليمية العظمى، وستتأكل صدقية قوة الردع لديها.

·      بطبيعة الحال ثمة بديل آخر هو إجراء مفاوضات مع "حماس" وهي ضعيفة. وهذا ما أدعو إليه منذ عشرة أعوام. لكن إذا كان هذا الخيار ما زال غير مقبول، فلا يبقى أمامنا إلا خياران: إمّا استغلال الظروف الحالية للقضاء على تهديد هذه الحركة أو الاستمرار في سياسة "عدم وجود سياسة" مع تحمّل التكاليف الباهظة التي يمكن أن تترتب على ذلك وفي مقدمها تلاشي قدرة إسرائيل على ردع عدو غير دولاني.