على إسرائيل بلورة عقيدة سياسية وأمنية بعيدة المدى لمواجهة التغييرات الهائلة في الشرق الأوسط
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

·      حملت سنة 2011 معها شرق أوسط مختلفاً، وتغييرات جذرية في مصر وسورية ودول أخرى مثل ليبيا وتونس. وقد يُخيل إلينا أن هذه التغييرات تفرض مواصلة سياسة الجمود، لكن من أجل المحافظة على بقاء إسرائيل، نحتاج إلى رؤية سياسية وأمنية قادرة على إيصالنا إلى بر الأمان، وتستند إلى الواقع القائم. لهذا ينبغي علينا أن نتخيل ما سيحدث خلال الخمسة أو العشرة أعوام القادمة وطرح الاحتمالات الممكن حدوثها والاستعداد لها.

·      ومن بين الافتراضات الأساسية تحول مصر إلى دولة ذات ديمقراطية غير متوازنة، أي ديمقراطية فيها انتخابات حرة وتعددية حزبية، لكنها ديمقراطية تشهد صراعاً بين الحكم المدني ذي التوجهات الإسلامية – السنية وبين الجيش ذي التوجهات الغربية. ويتوقع عدد من المعلقين أن يُحسم هذا الصراع  لصالح المكون الإسلامي، أن يتراجع موقع الجيش مع مرور الزمن.

·      لكن من جهة أخرى، فمن المتوقع أيضاً أن يضعف موقع النظام الجديد في مصر ويتزعزع بسبب المشكلات الإقتصادية الحادة التي سيعجز عن إيجاد حل لها. من هنا فمن المتوقع أن يتولى الجيش خلال الأعوام القادمة مسؤولية المسائل السياسية والأمنية، وأن تتولى الحكومة المدنية مسؤولية المسائل الداخلية. وسيؤدي هذا التقاسم للمسؤوليات إلى تبعية مصر للولايات المتحدة، كما سيسمح لهذه الأخيرة أن تبقى طرفاً مهماً في حماية استقرار العلاقات بين مصر وإسرائيل.

·      أما فيما يتعلق بالوضع في سورية، فعلى ما يبدو أنه سيدخل في مرحلة من الفوضى لا سيما بعد أن تشتد حدة المواجهات بين السنة والعلويين. ومن المتوقع أن يصبح الوضع معقداً وغير هادىء وسيكون من الصعب التنبؤ متى سينتهي وما سيؤول إليه.

·      كما من المتوقع أن يواجه الأردن مساراً مشابهاً،على الرغم من أن دعم الأردن اقتصادياً سيكون أسهل بكثير بسبب عدد سكانه القليل (إذ يكفي استثمار بضعة مليارات من الدولارات إلى حدوث نتيجة مباشرة وفورية على الوضع الإقتصادي في الأردن). من هنا ينبغي على إسرائيل البدء فوراً باتصالات يومية مع العاهل الأردني ومساعدته على جمع الأموال في أوروبا والولايات المتحدة من أجل العمل على استقرار الاقتصاد الأردني  في أسرع طريقة ممكنة.

·      ومن المنتظر أن يصبح الشرق الأوسط  الجديد أكثر "استقلالية"، مما يعني أن حجم التدخل المباشر للولايات المتحدة سيتراجع، وستتحول الولايات المتحدة إلى لاعب "غير منظور" يقدم العتاد العسكري المتطور. بينما ستتحول تركيا إلى لاعب أساسي بالنسبة لإسرائيل، لأنها ستكون الجسر الوحيد لها تجاه مصر والأطراف السنية في سورية. وإذا ما شكلت مصر في الفترات السابقة حجر الأساس (إلى جانب الولايات المتحدة) في تثبيت الخطوات تجاه الفلسطينيين، فإن تركيا هي التي حلت محلها الآن، وهي قادرة على أن تلعب دوراً مهماً في تحسين العلاقات بين مصر وإسرائيل بسبب الارتباط السني بين البلدين. كما في استطاعة تركيا العمل على تحسين علاقة إسرائيل مع الأطراف السنية في سورية. وسيكون في إمكان المحور التركي – المصري أن يشكل بديلاً جديداً لما كانت عليه العلاقة مع مصر في عهد مبارك، وأن يساهم في تعزيز علاقة إسرائيل مع الدول المجاورة لها، ومن شأن ذلك أن ينعكس على المدى البعيد على العلاقة مع الفلسطينيين عامة وعلى غزة بصورة خاصة ( وتجدر الإشارة هنا أن الحصار على القطاع لا لزوم له).

إن هذه الاستراتيجية العليا يجب أن تعتمد على رؤية متوازنة ومنتظمة إلى علاقة إسرائيل بالدول المجاورة لها (مصر والأردن وسورية ولبنان والفلسطينيين)، وأن تستند إلى تسويات واتفاقات سلام.