· يمكن القول إن خروج [الأمين العام لحزب الله] السيد حسن نصر الله هذا الأسبوع من مخبئه جاء بهدف تبديد الانطباع بأن عصر القامة الشيعية المنتصبة في الشرق الأوسط يقترب من نهايته. وكان هذا العصر قد بدأ في إثر ثورة الإمام الخميني في إيران (سنة 1979)، وتعزّز بعد إسقاط نظام الحكم السنيّ في العراق (سنة 2003).
· ومما لا شك في أن سبب تراجع هذا العصر في الآونة الأخيرة يعود بصورة رئيسية إلى العقوبات المفروضة على إيران والتي تجعلها معزولة أكثر فأكثر. وفي الوقت نفسه لا يجوز التقليل من أهمية التداعيات التي أسفرت عنها الثورات العربية التي اندلعت في العام الفائت، أو من أهمية التوقعات بأن تضع هذه الثورات حدًا للهيمنة العلوية على سورية التي تعتبر في نظر سورية والعالم العربي استمرارًا للهيمنة الشيعية.
· وبطبيعة الحال فإن عزلة إيران، والأزمة التي يواجهها نظام الحكم في سورية، تؤثران في قوة نصر الله وحزب الله، وخصوصًا في كل ما يتعلق بمصادر التمويل، والإمداد بالسلاح، والدعم السياسي. فضلاً عن ذلك فإن إصرار نصر الله على تأييد نظام [الرئيس السوري] بشار الأسد جعله موضع شجب في العالم السني برمته. وليس من المبالغة القول إنه بات يُنظر إليه باعتباره جزءًا من العالم القديـم المتهالك.
· لم يكن من قبيل المصادفة مثلاً عودة الجدل في لبنان بشأن ضرورة نزع سلاح حزب الله في هذا الوقت بالذات. وكان لافتاً أن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الذي يحظى بدعم حزب الله، لم يخضع لضغوط نصر الله وقرّر تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تتقصى وقائع اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.
وإذا كان نصر الله قد استمد قوته ونفوذه في لبنان والشرق الأوسط على مدار العقدين الفائتين من كونه زعيمًا يحارب إسرائيل وجيشها، فإنه أصبح الآن يواجه عالمًا عربيًا يتسم بالنزاعات ولا يعير اهتماماً كبيرًا للنزاع الإسرائيلي- العربي. ومع أن إسرائيل تؤكد صباح مساء أن جيشها على أهبة الاستعداد لأي طارئ في منطقة الحدود الشمالية، إلا إن زعماءها يدركون أن قوة نصر الله تراجعت كثيرًا بسبب آخر التطورات في المنطقة التي تحيط به وبنا.