في الوقت الذي تتحدث الدول الأوروبية عن فرض مزيد من العقوبات على إيران، تواصل هذه الدول المتاجرة مع نظام أحمدي نجاد. ويتبين من تقرير أعد في وزارة الخارجية وحصلت "يديعوت أحرونوت" على نسخة منه، أن حجم التبادل التجاري بين دول الاتحاد الأوروبي وإيران منذ سنة 2007 وحتى تموز/ يوليو 2009 بلغ نحو 60 مليار يورو. وقد بلغ حجم الصادرات إلى إيران خلال هذه الفترة نحو 35 مليار يورو. ومن أبرز الدول التي تتاجر مع إيران: إسبانيا؛ فرنسا؛ إيطاليا؛ هولندا؛ بلجيكا.
وخلال الأسابيع القليلة الفائتة، أدلى زعماء دول أوروبية كبرى بتصريحات حادة ضد إيران. وخلال الأسبوع الجاري قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إنه سيصار إلى فرض مزيد من العقوبات على إيران خلال الشهر المقبل. أما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فقال: "إن التردد في مناقشة هذا الموضوع أو محاولة التهرب منه ينطوي على مسؤولية كبيرة. وإن هدف العقوبات هو دفع إيران إلى طاولة المفاوضات".
غير أنه يتبين من الوثيقة التي حصلت "يديعوت أحرونوت" عليها أن تلك الدول نفسها تواصل المتاجرة مع إيران في مجالات متنوعة وعلى نطاق واسع. ويتبين من بيانات الاتحاد الأوروبي التي جمعتها وزارة الخارجية أن حجم التبادل التجاري بين دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 وإيران خلال النصف الأول من سنة 2009 بلغ نحو 10 مليارات يورو. ومع أن هذا الرقم يشكل تراجعاً بنسبة نحو 31% مقارنة بالفترة الموازية من سنة 2008، إلاّ إن المبلغ لا يزال ضخماً، ومن شأنه أن يُصعِّب على هذه الدول فرض عقوبات اقتصادية على طهران. إن انخفاض حجم التبادل التجاري مع إيران خلال سنة 2009 مقارنة بالسنة السابقة ناجم عن عدة عوامل منها الأزمة الاقتصادية، لكنه ناجم أيضاً عن سياسات حكومات الاتحاد الأوروبي التي تسعى لتقليص التبادل التجاري، وذلك على خلفية الأزمة الدبلوماسية مع إيران.
ويتبين من هذه البيانات أنه على الرغم من أن حكومات أوروبية كثيرة تتحدث عن ضرورة فرض عقوبات اقتصادية إضافية على إيران، فإنها عملياً تبيعها وتشتري منها بمليارات اليورو سنوياً. وإزاء هذه الحقيقة، سيكون من الصعب جداً على هذه الحكومات تنفيذ عقوبات اقتصادية شديدة ضد إيران لأنها ستلحق الضرر باقتصاداتها. وفي ظل الأوضاع التي ما زال قسم من هذه الدول يمر بأزمة اقتصادية صعبة، ويبدو أن الخطوات الاقتصادية ضد إيران ستواجه صعوبة غير قليلة، على الأقل من جانب دول الاتحاد الأوروبي.