· على الرغم من المشكلات الداخلية التي يواجهها [الرئيس الأميركي] باراك أوباما، فإنه لا يتراجع عن الدعوة إلى إقامة "دولة فلسطين"، ويبدو أنه من أجلها على استعداد أيضاً لتعريض مستقبله السياسي للخطر، بل إنه في آخر مؤتمر صحافي تخلى عن اتزانه حين قال إن "تجميد الاستيطان [في المناطق المحتلة] سيساعدنا في مواجهة إيران التي ترفض التنازل عن برنامجها النووي".
· إن السؤال المطروح إزاء ذلك هو: هل البرنامج النووي الإيراني يثير الخوف لدى إسرائيل فقط، أم إنه يهدد العراق أيضاً، فضلاً عن أن السعودية ودول الخليج تعتبران القنبلة النووية الإيرانية خطراً مصيرياً عليهما إلى درجة مطالبتهما الولايات المتحدة بالتدخل عسكرياً في هذا الشأن؟ ومع ذلك، فإن أوباما يريدنا أن نعتقد أنه إذا لم تقم إسرائيل بتجميد الاستيطان في "فلسطين"، وإذا لم تعمل على إقامة دولة هناك في غضون عام، فإن السعودية ستسلّم بتحول إيران إلى دولة نووية، وسيفقد العالم اهتمامه باحتياطي النفط في الخليج.
· هل يعتقد الرئيس الأميركي أننا أغبياء إلى هذا الحدّ؟ ألا يرى أن الواقع هو عكس ذلك تماماً، وأن الدول العربية "المعتدلة" تعتقد أن إسرائيل هي القوة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يمكنها كبح إيران، وبالتالي، فإنها بحاجة إلى مساعدتنا أكثر مما نحن بحاجة إلى مساعدتها؟
· إن ما يمكن توقعه إزاء إيران هو السيناريوهات التالية: 1- ألاّ يقدم الرئيس أوباما على فعل شيء، وعندها ستكون إسرائيل مضطرة إلى توجيه ضربة عسكرية إلى إيران؛ 2- أن تقوم الولايات المتحدة بالتدخل عسكرياً وعندها ستكون بحاجة إلى إسرائيل كي تهدئ الأجواء في المنطقة؛ 3ـ أن تقوم الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران وأن تطلب من إسرائيل عدم التدخل مطلقاً، كما حدث في إبان حرب الخليج الأولى [سنة 1991]. وبناء على هذه السيناريوهات كلها، فإن إسرائيل هي التي يجب أن تقبض ثمن مواجهة إيران، لا أن تدفع ثمناً باهظاً في هيئة "دولة فلسطين".
من ناحية أخرى، فإن [رئيس الحكومة الإسرائيلية] بنيامين نتنياهو من شأنه، تحت وطأة الضغوط التي يتعرض لها، أن يقوم باستغلال أقوال أوباما هذه من أجل إقناع الشعب في إسرائيل بضرورة الاستمرار في تجميد الاستيطان. وفي حال حدوث ذلك، فإن ما يتعين على زملاء نتنياهو في حزب الليكود وشركائه في الائتلاف الحكومي فعله هو أن يقدّموا إلى أوباما الرد الوحيد الذي سيبقى لدولة صغيرة ليس أمامها خيار، وهو التسبب بإسقاط الحكومة، وعندها لن يكون لدى أوباما عنوان يمكن أن يمارس الضغط عليه.