· هناك أربعة موضوعات أساسية ستتصدر جدول أعمال الأحزاب الإسرائيلية مع إعلان موعد الانتخابات المقبلة، وهي: المشكلة الإيرانية؛ الخلافات السياسة – الأمنية؛ مسألة الديمقراطية في إسرائيل؛ المشكلة الاجتماعية - الاقتصادية.
· فالموضوع النووي الإيراني يمثل التهديد الأخطر لأمن إسرائيل، حتى لو لم تستخدم إيران فعلاً السلاح النووي. وتعد مسألة الخلاف بشأن الهجوم على إيران من أكثر المسائل التي نوقشت في إسرائيل خلال الأشهر الماضية. ومع ذلك، لا يوجد خلافات حقيقية داخل المجتمع الإسرائيلي في هذا الشأن، إذ تدرك الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين حجم الخطر، وتعرف أن من واجب إسرائيل الحؤول دون تطوير إيران قدراتها النووية. فضلاً عن ذلك، هناك إجماع عام على أن الهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران هو حل لا يملك حظوظ نجاح كبيرة، ويجب القيام به فقط في حال تبين أنه الخيار الوحيد المتبقي. كما أن هناك إجماعاً عاماً على أنه من الأفضل التوصل إلى تفاهمات مع الأميركيين في هذا الصدد، ذلك بأن الخلافات معهم تكتيكية وليست جوهرية.
· أمّا بالنسبة إلى مشكلات الحدود والسلام والأمن، فإن الخلافات وسط الجمهور في هذا الشأن حقيقية وعميقة. فثمة ثغرة كبيرة وحقيقية تفصل بين المؤيدين لأرض إسرائيل الكاملة، وبين الداعمين لفكرة الانسحاب الشامل. كما أن الخلاف بين أصحاب النظريات المتطرفة وبين أصحاب المواقف الوسطية كبير وحقيقي، إلاّ إنه يبقى خلافاً أيديولوجياً نظرياً.
· لقد قبل بنيامين نتنياهو وقيادة الليكود بفكرة تقسيم أرض إسرائيل إلى دولتين قوميتين، على الرغم من عدم الإشارة إلى الحدود التي يجب أن تفصل بين هاتين الدولتين. لكن تجدر الإشارة إلى عدم وجود شريك فلسطيني يمكن التوصل معه إلى اتفاق في المستقبل المنظور. لقد سبق أن عرض كل من إيهود باراك وإيهود أولمرت على الفلسطينيين تقاسم أرض إسرائيل ضمن حدود 1949 (مع تبادل صغير للأراضي)، لكن اقتراحهما جوبه بالرفض المطلق. ومن الممكن جداً أن يواجه كل اقتراح جديد مشابه بالرفض أيضاً. ولا أعتقد أن ثمة حكومة إسرائيلية ستقبل بحق عودة اللاجئين الذي يطالب به الفلسطينيون.
· ثمة مسألة أخرى كانت موضع خلاف شديد وسط الرأي العام الإسرائيلي، إلاّ إنها لم تعد مطروحة اليوم، وهي مسألة مستقبل الجولان. فالجولان أرض إسرائيلية، ولا شيء يمكنه أن يغير هذه الحقيقة. وفي الواقع، ما دام الشرق الأوسط في حالة اضطراب من المنتظر أن تستمر في الأعوام المقبلة، فليس متوقعاً حدوث تطورات سياسية مهمة.
· وفيما يتعلق بمشكلة الديمقراطية في إسرائيل، فهي مشكلة مشكلة مصطنعة، ومن المنتظر أن يعود الحديث، قبل الانتخابات، عن "القوانين التي تهدد الديمقراطية"، بيد أن العاقل يعرف أنه ليس هناك أي خطر على هذا الصعيد، وأن ما يجري ليس سوى حملة مصطنعة.
· أمّا الخلاف الأيديولوجي - القانوني الذي يتطلب حسماً فهو ذاك المتعلق بالموضوع الاجتماعي - الاقتصادي. وخلال الأعوام العشرة الأخيرة كان هناك إجماع داخل إسرائيل على تبني الخط النيوليبرالي، وكانت الفوارق بين الأحزاب في هذا الشأن هامشية. بيد أن التغير في المواقف بدأ في سنة 2008، في إثر الأزمة الاقتصادية التي أرست تفكيراً عالمياً جديداً.
· إن فوز شيلي يحيموفيتش، التي تحمل أجندة اجتماعية - اقتصادية وتتبنى رؤية اجتماعية - ديمقراطية، بزعامة حزب العمل، بالإضافة إلى ارتفاع عدد المؤيدين لهذا الحزب بحسب استطلاعات الرأي، ساهما في طرح الموضوع الاقتصادي على جدول الأعمال السياسي. كذلك ساهمت حركة الاحتجاج الاجتماعية التي شهدها صيف 2011، وخروج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع للمطالبة بالعدالة الاجتماعية، في طرح الموضوع على النقاش العام. من هنا يمكن القول إن الخلاف بين النظرة المحافظة - الليبرالية، وبين النظرة الاجتماعية - الديمقراطية هو خلاف أيديولوجي وعملي ويتطلب قرارات إسرائيلية.
· فهل ستتمحور الانتخابات حول الموضوعات الاجتماعية – الاقتصادية؟ مما لا شك فيه أن كل حزب من الأحزاب سوف يحدد جدول أعماله وفقاً لمفهومه الخاص، لكن من الأفضل أن يشكل الموضوع الاقتصادي – الاجتماعي جوهر الخلاف في الانتخابات المقبلة.