إسرائيل تسعى لفرض شروط لوقف إطلاق النار من دون التحدث مع "حماس"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

تبذل الولايات المتحدة جهوداً مكثفة لدى مصر والأردن والسعودية من أجل بلورة تسوية لإنهاء القتال في قطاع غزة وتنفيذ وقف إطلاق نار مستقر وطويل الأمد. وعلى حد قول مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس، لم تنضج بعد صيغة تلبي الشروط الإسرائيلية وتبدي "حماس" استعداداً للموافقة عليها.

وعلى الرغم من أن الخطوة الأميركية لا تزال بعيدة عن النضوج، فقد أشارت مصادر في القدس إلى عدد من العناصر التي يتوقع أن تشتمل التسوية المستقبلية عليها:

- وقف إطلاق نار فوري: وقف صواريخ القسام والعمليات التفجيرية في مقابل وقف عملية الجيش الإسرائيلي في غزة.

- مكافحة تهريب الأسلحة من مصر إلى قطاع غزة واحتمال نشر قوة دولية في الجانب المصري من الحدود.

- نشر قوة مراقبين تشرف على تطبيق الاتفاق بكامله.

- فتح معابر قطاع غزة بصورة دائمة لإدخال المساعدات الإنسانية بصورة دائمة، مع التشديد على معبر رفح، وفقاً لاتفاق سنة 2005.

- تجديد تواجد السلطة الفلسطينية في قطاع غزة بشكل ما، ربما في معبر رفح.

وفي نهاية الأسبوع واصلت إسرائيل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى صد الضغوط الدولية الداعية إلى وقف عملية الجيش الإسرائيلي، وتحدث رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني مع عدد من القادة ووزراء الخارجية. وكان تقويم الوضع الذي قُدم خلال الجلسة التي عقدها المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية أول أمس هو أنه يوجد لدى إسرائيل مهلة بضعة أيام لتنفيذ عملية برية. وقال مسؤول سياسي رفيع المستوى في القدس إن "العملية البرية ستحسّن قدرة إسرائيل على تحقيق الأهداف السياسية للعملية".

وغداً سيصل إلى إسرائيل كل من الرئيس الفرنسي ساركوزي ووزير خارجيته برنار كوشنير لدفع المساعي لوقف إطلاق النار قدماً، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الأوروبيين. وكان ساركوزي طلب من ليفني خلال الزيارة التي قامت بها لفرنسا أن توافق إسرائيل على هدنة لـ 48 ساعة، وأضاف أنه يجب بلورة قرار من قبل مجلس الأمن لإنهاء الحرب. وشددت ليفني على أن "إسرائيل ليست معنية بقرار بشأن غزة على غرار القرار 1701 [الذي وضع نهاية للحرب على لبنان صيف 2006]، فالحرب هناك ليست كالحرب في لبنان، كما أن التسوية السياسية لن تكون مماثلة".

وحول الموضوع نفسه كتبت صحيفة "معاريف" (5/1/2008): إن بدء العملية البرية في غزة أول أمس (السبت) يؤشر أيضاً إلى تسارع العملية السياسية، إلى جانب المحاولات التي تبذلها إسرائيل لقيادة مبادرة سياسية دولية تتضمن مصالحها. وقال مصدر سياسي في القدس: "إن العالم يرى تصميم إسرائيل، وهو يفهم أن طريق التوقف تمر عبر تحقيق مصالحنا".

إن الرئيس الأميركي جورج بوش ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس هما اللذان يقودان الخطوات السياسية ويبذلان المساعي لدى محمود عباس ومصر والاتحاد الأوروبي وإسرائيل من أجل بلورة توافق مبدئي، من دون موافقة "حماس"، يؤدي إلى وقف القتال. وفي هذه الحالة فإن الشروط التي ستمليها إسرائيل ستُفرض على "حماس"، الأمر الذي سيؤدي، عملياً، إلى "محاصرتها سياسياً".

وتريد إسرائيل تضمين مطالبها في تسوية كهذه، وفي مقدمها: وقف عمليات التهريب عبر محور فيلادلفي، وذلك عن طريق تدخل أميركي، إلى جانب مصر. وقالت مصادر سياسية: "إن التدخل الأميركي مهم لمنع عمليات التهريب. فالأمر لن يبقى مجرد حبر على ورق".

وتريد إسرائيل أيضاً مصادرة المسؤولية عن المعابر من "حماس" وتسليمها إلى محمود عباس، من أجل تعزيز قوته على حساب المتطرفين. علاوة على ذلك، سيكون من الضروري أن تتضمن التسوية بنداً ينص على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها والرد فوراً على أي حادث إطلاق نار على أراضيها.

غير أن هذه الخطوة السياسية يوجد لها أيضاً ثمن: فعندما لا يتم عقد تسوية سياسية بمشاركة "حماس"، بل عن طريق فرضها عليها، لن تتمكن إسرائيل من المطالبة في إطارها بتجديد المفاوضات لإطلاق [الجندي المختطف لدى "حماس"] غلعاد شاليط. ويمكن القول إن المصطلحات السياسية التي كانت دارجة حتى الآن، كـ "اتفاق" و"تهدئة"، سيُبطَل استخدامها. ومن الآمن فصاعداً يجب القول "ترتيب". إن إسرائيل تحاول، عن طريق تأكيدها أن القتال سيستمر ما دامت شروطها لم تُقبَل، أن توجه المجتمع الدولي نحو تبني شروط لوقف إطلاق النار من دون التحدث مع "حماس"، ومن دون منحها الشرعية. وأمس أوضحت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني خلال الجلسة التي عقدتها الحكومة في مقر وزارة الدفاع أنه "ليس لدينا نية في أن نوجد اتفاقاً سياسياً مع 'حماس'، وإنما ضد 'حماس'.