من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· مع استئناف المحادثات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، من الجدير أن نذكر أنه يكون قد مر عام على إعلان خطة حكومة [رئيس الوزراء الفلسطيني] سلام فياض: "فلسطين - إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة". إن هدف الخطة هو فرض حقائق ميدانية تمكّن من إنشاء دولة بحكم الأمر الواقع، بعد نحو عام، حتى لو لم يتم تحقيق تقدم في المفاوضات.
· بعد مرور عام، تبدو إنجازات فياض ظاهرة للعيان، فحكومته تعمل بشفافية، وتنجح في دفع خطط تنموية واقتصادية واجتماعية قدماً. والانطباع السائد هو أن فياض نجح في إيجاد بيئة ملائمة للأمن والاستقرار في الضفة الغربية، وهذان أمران حيويان للأعمال والاستثمارات، ونجح في جذب مستثمرين أجانب. إن صورة الوضع هذه، المقترنة ببث رسائل واضحة عن التخلي عن طريق الكفاح العنيف، تدفع المجتمع الدولي إلى مواصلة دعمه للسلطة الفلسطينية.
· يواجه فياض وخطته تحديات داخلية وخارجية، وهي: أن تنفيذ خطته يعتمد على المساعدات الأجنبية؛ أن السلطة الفلسطينية لا تتمتع بسيطرة تامة على النشاط الاقتصادي؛ أن الانقسام الاجتماعي- السياسي - الجغرافي يعرقل إنشاء بنية سلطة موحدة في الضفة والقطاع؛ أن التأييد الجماهيري السياسي لفياض محدود، وهو يواجه معارضة من كبار المسؤولين في حركة "فتح".
· حتى الآن يبدو أن فياض يتعامل مع هذه التحديات بشكل جيد، كما أن إنجازاته تحظى بتقدير المجتمع الدولي، ولا تستطيع إسرائيل معارضة التحولات التي تتماشى مع دعوة [رئيس الحكومة الإسرائيلية] بنيامين نتنياهو المتعلقة بـ "السلام الاقتصادي". وبطريقته هذه، يبرهن فياض للجمهور الفلسطيني أن خطته السياسية تحقق إنجازات، وأنها أكثر نجاعة من أشكال الكفاح الفلسطيني كلها، التي جُربت حتى الآن. هكذا، وعلى الرغم من التشاؤم المتزايد إزاء العملية السياسية، فإن لدى الجمهور الفلسطيني رغبة في المحافظة على الإنجازات. ولذا، فإننا لا نشهد، في الوقت الراهن، انجراراً نحو العنف. وعن طريق تطبيق الخطة حتى الآن، برهن الفلسطينيون لأنفسهم وللمجتمع الدولي أنهم قادرون على تولي المسؤولية عن كل منطقة يسيطرون عليها. ودلالة ذلك هي أنه لن يكون في وسع إسرائيل الادعاء أن الفلسطينين غير ناضجين لإقامة دولة والسيطرة عليها.
· منحت خطة فياض السلطة الفلسطينية قدرة على البقاء كانت تحتاج إليها بنوع خاص في ظل غياب العملية السياسية. غير أنه يتبين أن هذه القدرة كاذبة إذا لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية تمكّن الفلسطينيين من إنشاء البنى التحتية لدولتهم خارج مجال المنطقة "أ" أيضاً. ومن ناحية سياسية، فإن السيناريو الذي يلوح في الأفق ليس سيناريو إعلان إقامة دولة فلسطينية من جانب واحد في صيف سنة 2011، أو التوجه نحو المواجهة العنيفة، وإنما سيناريو بذل محاولة لمصادرة احتكار إسرائيل للقرار المتعلق بمصير المناطق [المحتلة] ومستقبل الفلسطينيين. إن النية المعلنة لـ [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس وفياض هي دفع المجتمع الدولي، في حال عدم التوصل إلى تسوية مع إسرائيل، إلى الاعتراف القانوني بدولة فلسطينية قائمة بحكم الأمر الواقع ضمن حدود 1967، وعلى أساس قرارَي الأمم المتحدة 242 و338.
· على إسرائيل الاعتراف بأن خطة فياض تحولت من خطة من طرف واحد إلى خطة متعددة الأطراف، لأن خطة "دايتون" الأميركية المتعلقة ببناء قوى الأمن الفلسطينية هي جزء منها، وكذلك المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي تمولها الدول المانحة. إن المجتمع الدولي يريد أن يكون مشاركاً في تشكيل المستقبل السياسي للمنطقة. وقد شكل بيان الرباعية الدولية الذي صدر في آذار/ مارس الفائت، والذي يرسم خطوطاً عامة للمفاوضات بشأن الحل الدائم ويثني على خطة فياض، إلى جانب بيان وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أساساً لاستئناف المحادثات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين.
على إسرائيل ألاّ توهم نفسها بأن "السلام الاقتصادي" هو بديل من السلام، ويجب أن يكون احتمال أن تصبح الدولة الفلسطينية حقيقة قائمة خلال بضعة أعوام، وهو احتمال معقول، عاملاً محفزاً على تحقيق تقدم فعلي في العملية السياسية. إن مصلحة إسرائيل تقتضي أن تكون إقامة الدولة الفلسطينية نتيجة المفاوضات، وليس تطوراً يُفرض عليها. بكلمة أخرى، على إسرائيل أن تختار بين قيام الدولة الفلسطينية من خلال نزاع ومواجهة، أو بين قيامها من خلال عملية مصالحة، فهذا الأمر سيكون له تأثير حاسم في طابع العلاقات التي ستسود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية في المستقبل.