الحرب البادرة بين إسرائيل وإيران
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      ثمة حرب شرسة تدور، لم يعلن أحد عن بدئها ولا أحد اعترف بوجودها. إنها الحرب السرية ضد المشروع النووي الإيراني. وهي حرب لم تبدأ هذا الأسبوع، ولا الشهر الماضي، وإنما هي مستمرة منذ أعوام، ولا يصل إلى علم الجمهور إلاّ الجزء القليل من أصدائها.

·      في حزيران/يونيو 2010، تبين أن أجهزة الكمبيوتر التي تشغل مراكز الطرد المركزي في مصنع تخصيب اليوارنيوم في مدينة نتانز، التي هي من إنتاج شركة "سيمنز" الألمانية، قد أصيبت بفيروس قاتل أدى إلى وقفها عن العمل. وقبل أسبوعين وقع انفجار كبير في قاعدة عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني، تقع على بعد نحو 40 كيلومتراً غربي طهران، بلغت أصداؤه العاصمة الإيرانية، وتسبب بمقتل عدد من الأشخاص بينهم المسؤول عن مشروع تطوير الصواريخ الإيرانية الجنرال حسن طهراني مقدم. وهذا الأسبوع أُعلن عن وقوع انفجار كبير وقوي في مدينة أصفهان، ثالث أكبر المدن الإيرانية، استهدف مصنعاً لتحويل اليوارنيوم، وتسبب بأضرار جسيمة فيه.

·      هناك خط واضح يجمع بين هذه الأحداث الثلاثة التي استهدفت ثلاثة عناصر مهمة في المشروع النووي الإيراني، هي: تحويل اليورانيوم، وتخصيبه، ووسائل استخدامه.

·      إن هذه الأحداث، بالإضافة إلى عمليات الاغتيال التي تعرض لها عدد من علماء الذرة الإيرانيين في العامين الأخيرين، تثير القلق الشديد لدى الزعماء الإيرانيين وتدفعهم إلى ردات فعل تتأرجح بين الارتباك الشديد والغضب. فهم، مثلاً، يكذّبون في البداية حدوث "شيء ما"، ثم يعترفون بصورة مبهمة بأن شيئاً ما قد حدث، ثم يقولون إن ما حدث هو نتيجة "حادثة". وتشير ردات الفعل هذه إلى أن النظام الإيراني لا يعرف تماماً ماذا يتعين عليه أن يقول عندما يتحدث علناً، كما تشير إلى عدم وجود اتفاق على ردة فعل واحدة، وهذا دليل على الانقسام الكبير داخل قيادة نظام آيات الله في إيران.

·      مما لا شك فيه أن الانفجارات التي وقعت تتطلب كثيراً من الإتقان، ومن الموارد المالية، ومن الوسائل التكنولوجية، ومن العمل الاستخباراتي الدقيق والمحدث. فعلى سبيل المثال، مَن القادر على معرفة وجود الجنرال مقدم في قاعدة الصواريخ من أجل الإشراف على تجربة صاروخ جديد في اليوم الذي حدث فيه الانفجار في القاعدة؟ كذلك فإن عملية إدخال الفيروس القاتل إلى أجهزة الكمبيوتر الإيرانية تحتاج إلى شخص يمكنه الوصول إلى هذه الأجهزة ولديه كمبيوتر نقال ملائم، ويملك الفيروس المطلوب. والافتراض هو أن أجهزة الاستخبارات الأجنبية هي التي تقوم بتنفيذ هذه العمليات السرية، بيد أن وسائل الإعلام تتهم الموساد الإسرائيلي بأنه وراء هذه العمليات، أو أنه شارك فيها إلى جانب أجهزة استخباراتية غربية في مقدمها أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية.

·      عندما سئل مئير داغان، المسؤول السابق عن الموساد، عما إذا كان الله هو المسؤول عن العمليات الأخيرة في إيران؟ رد بابتسامة. فهو كان من المؤيدين للعمليات السرية، وقال ذلك بوضوح لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، عندما كشف أن أمام إيران على الأقل عامين من أجل التوصل إلى تركيب سلاح نووي، وهذه المعلومة تستند إلى عمليات سرية جرت في أثناء عمل داغان في الموساد، وهو يعتقد أنه من الممكن استخدام وسائل سرية لعرقلة السباق الإيراني نحو السلاح النووي ووقفه.

·      لكن علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن صبر طهران سينفذ في وقت ما إزاء ما يجري. ويدل اقتحام  الطلاب الإيرانيين السفارة البريطانية في طهران هذا الأسبوع على درجة العصبية التي تسود طهران حالياً، فالغضب  لم يكن عفوياً، وما حدث كان تحذيراً من جانب النظام أو أطراف أخرى تدرك أن حرباً قد أُعلنت عليهم.

وعاجلاً أم آجلاً، فإن نظام آيات الله سيرد، وسيطلب من فرق استخباراته الخاصة العملانية والسرية القيام بعمليات انتقامية، وستنفذ إيران ذلك بطريقة لا يمكن كشفها. إلاّ إن تجربة الماضي تبين أنه على الرغم من مهارة الاستخبارات الإيرانية وحذرها فإنها فشلت عدة مرات في إخفاء نشاطها.