معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
· على الرغم من تمحور النقاش الداخلي في إسرائيل حول موضوع سعي إيران لامتلاك السلاح النووي، وعلى الرغم من الأحداث التي تجتاح العالم العربي، فإن علينا أن نعيد درس مبادرة السلام العربية التي وافق عليها مؤتمر القمة العربية في بيروت سنة 2002، والتي عاد وأقرها مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في بغداد قبل خمسة أشهر.
· ندرك جيداً المخاطر السياسية والأمنية التي تتربص بإسرائيل في مبادرة السلام العربية في صيغتها الحالية، والتي علينا عدم الاستخفاف بها، ولذا يجب أن تكون وجهة النظر التي نطرحها هنا مدروسة جيداً وعاقلة ومتزنة. ففي مرحلة عدم اليقين التي يمر بها العالم العربي، قد يكون أي اتفاق موقع من جانب نظام عربي معين عرضة للخرق من جانب نظام جديد يحل محله. فضلاً عن ذلك، ليس في إمكان إسرائيل الموافقة على الشروط التي تقترحها المبادرة، لذا عليها العمل على إدخال تعديلات على هذه الشروط في إطار عملها على استئناف المفاوضات السلمية.
· وثمة أكثر من عامل يشير إلى احتمال نجاح إسرائيل في ذلك، فعلى سبيل المثال أعربت الجامعة العربية وعدد من السياسيين العرب خلال الأعوام الماضية عن استعدادهم للبحث في إدخال تعديلات على المبادرة. ومن ضمن التعديلات التي درسها عدد من أعضاء الجامعة العربية، الموافقة على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضي الدولة الفلسطينية فقط أو دفع تعويضات لهم في الدول التي يعيشون فيها، والموافقة على تقسيم القدس، ورفع علم الأمم المتحدة على المدينة القديمة والأماكن المقدسة إلخ...
· إن الزلزال الذي يضرب شعوب المنطقة من المغرب وحتى اليمن، ومن ليبيا مروراً بمصر وصولاً إلى سورية، يفرض على إسرائيل اتخاذ موقف حذر ويقظ في انتظار تبدد الغموض الذي يحيط بالمنطقة. لكن يجب ألاّ ننسى أن المخاطر السابقة تحمل معها أيضاً تحديات وفرصاً للمستقبل. من هنا، من المحتمل أن تشكل مبادرة السلام العربية فرصة لإسرائيل كي تحقق رؤيتها الصهيونية كدولة ديمقراطية للشعب اليهودي تحظى بالشرعية والأمان.
· لقد كانت ردات فعل الكثيرين على الاضطرابات التي تعصف بالعالم العربي كالتالي: "تخيلوا ماذا كان سيحدث لو أن إسرائيل قبلت مبادرة السلام، ووصلنا إلى حالة الفوضى الحالية." قد يكون صحيحاً أن المبادرة العربية تخدم مصلحة عربية، لكن لو أن إسرائيل والمجتمع الدولي قبلا بها، ولو أن المفاوضات انطلقت على أساسها، فليس مستبعداً أن يكون وضع إسرائيل اليوم أفضل وأكثر استقراراً.
· في رأينا، علينا التحاور مع جامعة الدول العربية، ومع مؤتمر الدول الإسلامية الذي تبنى (باستثناء إيران) المبادرة العربية في سنة 2003، كما علينا التحاور مع الفلسطينيين، مع حركتي "فتح" و"حماس" على حد سواء. فلكل طرف من هذه الأطراف مصلحة في التمسك بمبادرة السلام العربية، وخصوصاً اليوم في ظل النزاع السني - الشيعي، وعدم الاستقرار الداخلي في الدول العربية، وحاجة الجامعة العربية إلى إنجاز يعزز مكانتها، كذلك حاجة الإسلام السياسي إلى الحصول على شرعية المجتمع الدولي، ونتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في كثير من الدول العربية والإسلامية.
· إن تعامل إسرائيل مع مبادرة السلام العربية كأساس، أو كإطار للمفاوضات بينها وبين العالم العربي، سيمنح الولايات المتحدة رصيداً سياسياً كبيراً، وسيرمم مكانتها في الشرق الأوسط والعالم العربي. كما أن تعاطي إسرائيل الإيجابي مع المبادرة، التي مصدرها معسكر الدول السنية، سيقوي هذا المعسكر في صراعه ضد المعسكر الشيعي.
· إزاء هذه التطورات التي تحدث اليوم في العالم العربي، وما تنطوي عليه من احتمالات تأثير على الصعيدين الداخلي والخارجي، قد يكون خيار التفاوض مع العالم العربي انطلاقاً من مبادرة السلام العربية هو خيار استراتيجي حكيم، ليس فقط من أجل مواجهة الخطر الإيراني.