· يتزامن عقد مؤتمر "فتح" مع وجود حركة التحرر الوطنية الفلسطينية في غمرة أزمة تنظيمية وأيديولوجية وسياسية حادة. فقد خسرت "فتح"، خلال الأعوام القليلة الفائتة، كثيراً من صدقيتها وقوتها، وأصبحت سمعتها في الحضيض، ولم تعد حركة ذات قاعدة شعبية واسعة، ولا تزال قائمة بفضل الحنين إلى أيام الكفاح المسلح، وإلى أسطورة الزعيم المؤسس ياسر عرفات.
· وفي ظل هذا الواقع الكئيب، فإن الهدف الرئيسي لمؤتمر بيت لحم هو توحيد الصفوف ومحاولة بعث الحياة في الجسم المريض. إن التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني هي تحديات معقدة للغاية، ويبقى في مقدمها إعادة الوحدة بين الفلسطينيين في الضفة الغربية والإمارة الإسلامية الحمساوية في غزة.
· ويبدو أن مندوبي المؤتمر الذين أتوا من الخارج ما زالوا يتسمون بقدر من التفاؤل، غير أن المندوبين من نابلس وجنين وسائر المدن في الضفة الغربية، الذين سيعودون إلى مدنهم بعد انتهاء المؤتمر عبر الحواجز العسكرية الإسرائيلية وسيشاهدون المستوطنات وجنود الجيش الإسرائيلي وجدار الفصل، يدركون أن السلام بعيد جداً. وقد أعلن زكريا زبيدي، أحد المندوبين في المؤتمر، الذي كان مطلوباً في مخيم جنين، أن "إسرائيل لا ترغب في السلام وإنما في الحرب".
· بناء على ذلك، يمكن القول إنه حتى في حال نجاح المؤتمر وقيامه بانتخاب قيادة جديدة فإن الواقع في المناطق [المحتلة] سيبقى كما هو، وسيواصل المستوطنون إحراق أشجار الزيتون وإقامة بؤر استيطانية غير قانونية وبناء بيوت جديدة. ويبدو أن المفاوضات السياسية ليست مدرجة بعد، لا في جدول أعمال الفلسطينيين ولا في جدول أعمال [رئيس الحكومة الإسرائيلية] بنيامين نتنياهو. وثمة مَن يحذّر من أنه في حال عدم حدوث تقدّم سياسي حقيقي، فإن جولة أخرى من العنف ستنفجر بين الطرفين.