· لا شك في أن التظاهرات العنيفة التي اندلعت مؤخراً في العالمين العربي والإسلامي احتجاجاً على الفيلم المسيء إلى الإسلام، شكلت تذكيراً للولايات المتحدة بما يمكن أن يحدث في حال إقدامها على شن هجوم عسكري على إيران لكبح برنامجها النووي.
· ويمكن الافتراض بأنه في حال قيام الولايات المتحدة، أو حتى في حال قيام إسرائيل بمفردها بشن هجوم كهذا، فإن الخط الفاصل بين السنة والشيعة سيتلاشى، وستصبح كل من هاتين الدولتين عرضة لأعمال "إرهابية" كبيرة.
· وربما يكون هذا التذكير هو الذي حدا الرئيس الأميركي باراك أوباما على أن يجعل الخطاب الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة متسماً بلغة المصالحة، وإغداق المديح على الثورات التي شهدها العالم العربي خلال العام الفائت مع التشديد على تأييد الولايات المتحدة لها. في الوقت نفسه فإن تطرقه إلى البرنامج النووي الإيراني في الخطاب ذاته كان قصيراً، وموضوعياً، وبعيداً عن أي موقف أهوج.
· في واقع الأمر، ثمة أسباب كثيرة أخرى من الأسباب المهمة الأخرى التي تجعل الولايات المتحدة تتجنب شن هجوم على إيران في الوقت الحالي. ويمكن أن نذكر منها الأسباب التالية: أولاً، الاحتمال الضئيل في النجاح في إقامة تحالف دولي يؤيد شن هجوم كهذا لمصلحة إسرائيل؛ ثانياً، معارضة المؤسسة الأمنية الأميركية شن هجوم من هذا القبيل وخصوصاً بسبب ما يمكن أن يترتب عليه من مخاطر تتعلق بالقوات الأميركية المرابطة في مياه الخليج الفارسي؛ ثالثاً، وجود أزمة اقتصادية داخل الولايات المتحدة وفي العالم أجمع واحتمال أن يؤدي شن هجوم على إيران إلى رفع أسعار النفط والتسبب بتفاقم تلك الأزمة؛ رابعاً، معارضة أغلبية الرأي العام الأميركي شن حرب أخرى؛ خامساً، تراجع التأييد لإسرائيل داخل صفوف الحزب الديمقراطي وفي أوساط الجالية اليهودية الأميركية بسبب سياسة حكومتها اليمينية الحالية إزاء الفلسطينيين؛ سادساً، حقيقة أن الرئيس أوباما نفسه ما زال متمسكاً بمقاربة عامة فحواها ضرورة حل النزاعات الدبلوماسية بالطرق السلمية، وضرورة تحقيق مصالحة مع العالم الإسلامي، وبفضل هذه المقاربة حاز على جائزة نوبل للسلام.
· بطبيعة الحال، لا يجوز التشكيك في رغبة أوباما في منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، مع ذلك لديه أسباب كثيرة تمنعه من تحقيق ذلك بالوسائل العسكرية. ومن المتوقع ألا يتصرف المرشح الجمهوري ميت رومني على نحو مغاير، في حال انتخابه رئيساً للولايات المتحدة.