حزب الله واقع تحت وطأة ضغط شديد لكنه غير معني الآن بخوض مواجهة مع إسرائيل
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

·       لا شك في أن مُضي المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وبتأييد مبطن من بعض الأطراف اللبنانية، في مسار بلورة قرار ظني ضد حزب الله [ينطوي على اتهامه بارتكاب عملية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري] يجعل [الأمين العام لحزب الله] السيد حسن نصر الله في وضع غير مريح مطلقاً. ويمكن القول إن المؤتمر الصحافي الذي عقده نصر الله في مطلع الأسبوع الحالي، والذي عرض خلاله قرائن لا تستند إلى أي أساس من الصحة بشأن تورط إسرائيل في عملية اغتيال رفيق الحريري، يدل على الضائقة الشديدة التي يجد نفسه في خضمها.

·       وتجدر الإشارة إلى أن نصر الله، خلال مؤتمره الصحافي الأخير، لم يكشف النقاب عن مواد محرجة تتعلق بخصومه داخل لبنان، وذلك كي يدفع جهود الوساطة التي تقوم بها السعودية قدماً، لكنه قرر أن يكشف النقاب عن مواد متعلقة بإسرائيل.

·       وإذا ما تبين لاحقاً أن [رئيس الحكومة اللبنانية] سعد الحريري وحلفاءه مستمرون في التعويل على قرار اتهام حزب الله، فإن من المتوقع أن يعقد نصر الله مؤتمراً صحافياً آخر لشنّ هجوم كاسح على المعسكر المناهض لسورية في لبنان.

·       ويؤكد المقربون من حزب الله أن نتائج "التحقيقات" التي أجراها الحزب في هذا الشأن ستمس مجموعة من كبار الشخصيات المحسوبة على معسكر الحريري في المؤسسات السياسية والأمنية والقضائية والإعلامية، الأمر "الذي سيسفر عن حدوث أكبر انقسام شهده لبنان خلال الأعوام الأخيرة"، على حدّ قول هؤلاء المقربين. ويأمل المسؤولون في حزب الله بأن يدرك الحريري نفسه خطورة الوضع، فيحاول إقناع حلفائه في كل من الولايات المتحدة وأوروبا بضرورة كبح عملية إصدار قرار ظني بحق حزب الله. ووفقاً لتحذير المقربين، فإنه في حال عدم حدوث ذلك، فإن حكومة الحريري ستسقط. كما أن بعض المسؤولين في حزب الله لا يخشى التلويح بخطر الحرب الأهلية.

·       ولا بُد من التذكير بأن المسؤولين السعوديين عملوا، في سنة 2007، على التوصل إلى اتفاق مصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس"، والذي عُرف باسم اتفاق مكة، لكن بعد بضعة أسابيع من توقيع هذا الاتفاق قامت "حماس" بالسيطرة على قطاع غزة بواسطة عملية عسكرية عنيفة. لذا، فإن السؤال المطروح حالياً هو: هل اتخذ نصر الله، بتأييد من سورية وإيران، قراراً مماثلاً بفرض السيطرة العسكرية على لبنان؟

·       ووفقاً للبروفسور إيال زيسر، رئيس "مركز ديان للدراسات الشرق الأوسطية" في جامعة تل أبيب، فإن حزب الله واقع الآن تحت وطأة ضغط شديد للغاية، ذلك بأن صدور قرار ظني بحقه سيشكل أمراً سيئاً للغاية بالنسبة إليه. ومع ذلك، فإن زيسر يقدّر بأن الأمور في لبنان لن تتدهور نحو حرب أهلية.

·       ويشير زيسر أيضاً إلى أن تداعيات القرار الظني للمحكمة الدولية تبقى رهن ما سيقرره سعد الحريري، ذلك بأنه غير ملزم بأن يقدم على شيء، ويمكنه التغاضي عن القرار كلياً أو إعلان عدم قبوله، وقد برهن في السابق على أنه قابل للخضوع، كما دلت على ذلك زيارته لدمشق من أجل عقد لقاء مع [الرئيس السوري] بشار الأسد، فضلاً عن اتخاذه قراراً يقضي بضم حزب الله إلى حكومته.  ويؤكد زيسر أن الحريري وحلفاءه غير راغبين، هذه المرة، في خوض مواجهة مع حزب الله، وذلك تجنباً لجرّ البلد نحو حرب أهلية طاحنة.

·       في المقابل، فإن زيسر لا يعتقد أن حزب الله معني الآن بخوض مواجهة عسكرية مع إسرائيل، وهو "لم يكن أصلاً معنياً بحرب لبنان الثانية [في صيف سنة 2006]، لكنه ارتكب بضعة أخطاء تسببت باندلاعها، ويبدو أنه أكثر حذراً في الوقت الحالي مما كان عليه في السابق، إلا إنه يمكن دائماً أن يرتكب أخطاء". ومن هذه الأخطاء يشير زيسر مثلاً إلى احتمال قيام حزب الله بتنفيذ عملية عسكرية ربما تُخرج الأمور عن السيطرة، وذلك انتقاماً لمقتل [مسؤوله العسكري] عماد مغنية، أو احتمال الاشتراك في حادثة مماثلة لحادثة قيام جنود من الجيش اللبناني بإطلاق النار على جنود الجيش الإسرائيلي، والتي وقعت في 3 آب/ أغسطس الحالي.

·       من ناحية أخرى، فإن تقريراً مفصلاً صدر مؤخراً عن منظمة ICG الدولية، التي تقوم بإجراء تحقيقات واسعة تتعلق بمناطق المواجهة العسكرية في العالم أجمع، ويستند إلى أحاديث أجريت مع مصادر رفيعة المستوى في كل من إسرائيل وسورية ولبنان، تضمّن تقديرات بأن تكون المواجهة المقبلة [بين إسرائيل وحزب الله] عنيفة للغاية، بحيث تلحق أضراراً فادحة بالسكان المدنيين والبنى التحتية.

كما يستند التقرير إلى مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى تؤكد من جهة أولى، أن المواجهة المقبلة تقتضي إنهاء القتال سريعاً من خلال إلحاق أضرار كبيرة بلبنان، ومن جهة ثانية، أن إسرائيل لن تكون مضطرة إلى التمييز بين حزب الله وبين الدولة اللبنانية كما فعلت في إبان حرب لبنان الثانية في صيف سنة 2006. وفي المقابل، فإن نصر الله يهدد برد الصاع صاعين، ولا شك في أن تهديداته هذه لا تزال تعتبر على مستوى عال من الصدقية، ذلك بأن منظومة الصواريخ الموجودة في حيازته تصل إلى أنحاء إسرائيل كلها، فضلاً عن أن قدرتها على إصابة الأهداف بدقة كبيرة تحسنت كثيراً.