[أجرت الصحيفة مقابلة مطولة مع وزير الدفاع إيهود باراك تطرق فيها إلى عدد من الموضوعات الأساسية، ننقل بعض ما جاء فيها]
النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني
· ... استهل باراك حديثه تحديداً بمسألة النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، فأوضح أن "مصلحة دولة إسرائيل تقتضي أن نتخذ قراراً بشأن موضوع يهودا والسامرة. وحتى لو لم يكن لدينا شريك، ينبغي لنا الانكفاء إلى داخل الكتل الاستيطانية، وإخلاء عشرات المستوطنات، والسماح للمستوطنين الذين لا يرغبون في إخلاء منازلهم بالعيش كمواطنين تحت سيطرة السلطة الفلسطينية." وقال: "لدينا مصلحة عليا في تحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين، وفي العمل بجدية من أجل تحقيق حل الدولتين لشعبين. وإنني واع ومدرك للوقائع، وأعلم بأن التوصل إلى تسوية دائمة أو إلى تسوية موقتة مع الفلسطينيين أمر غير مؤكد. من هنا أعود وأكرر، أنه في حال كان من الصعب التوصل إلى تسوية دائمة، وإذا تبين خلال إجراء المفاوضات صعوبة التوصل إلى حل موقت، يتعين علينا حينئذ أن ندرس اتخاذ خطوات إسرائيلية أحادية الجانب."
· وأضاف باراك: "موقفي الأساسي مؤلم لكنه بسيط، فاليوم يعيش بين نهر الأردن وبين البحر المتوسط قرابة 11 مليون شخص، نحو 7,5٪ منهم إسرائيليون، و4,5٪ فلسطينيون. وفي حال كان هناك سلطة واحدة من النهر إلى البحر فإنها ستكون حتماً سلطة لدولة غير يهودية وغير ديمقراطية. وإذا سُمح للفلسطينيين بالمشاركة في انتخابات الكنيست فإننا سنتحول حتماً إلى دولة ثنائية القومية، ولن نسمح بحدوث ذلك بأي شكل من الأشكال."
· وتابع وزير الدفاع: "إنني مقتنع بأن كتل المستوطنات - معاليه أدوميم وغوش عتسوين وأريئيل- يجب أن تبقى تحت سيطرتنا، كذلك يجب الاحتفاظ بجميع المنشآت الاستراتيجية. كما أنني مقتنع بضرورة التواجد العسكري على طول نهر الأردن لأطول فترة ممكنة. فعلينا أن نصل إلى مثل هذا الاتفاق مع الفلسطينيين، وإذا لم يحدث ذلك، يتعين علينا القيام بخطوات عملية للبدء بالانفصال وترسيم حدود دولة إسرائيل بما يتلاءم مع مسار الجدار ومع الكتل الاستيطانية. فهذه هي الطريقة التي تضمن قيام دولة فلسطينية في الجانب الآخر، كما أنها تمثل مصلحة عليا بالنسبة إلى دولة إسرائيل."
· ولدى سؤاله عن عدد المستوطنات التي سيتم إخلاؤها، أجاب باراك: "أعتقد أنه في المستوطنات الكبرى سيبقى نحو 320,000 مستوطن، الأمر الذي يعني أن نحو 80٪ إلى 90٪ من المستوطنين سيبقون. وسنضطر خلال بضعة أعوام إلى إعادة بضعة عشرات الآلاف من سكان بعض المستوطنات المعزولة إلى إسرائيل، وسنعرض عليهم في المرحلة الأولى تعويضاً، كذلك يتعين علينا عدم ارتكاب أخطاء الانسحاب من غزة، إذ يجب أولاً أن نبني لهم بلدات داخل الكتل الاستيطانية، الأمر الذي سيستغرق ثلاثة أعوام. بعدها يمكن أن ينتقل المستوطنون للعيش كجماعة واحدة في هذه البلدات الواقعة داخل الكتل الاستطيانية أو داخل إسرائيل. ويجب السماح، لمن يريد، بالحصول على التعويض وتدبير شؤونه بنفسه، أمّا من يختار البقاء في المنطقة التي تقرر انتقالها، بالتدريج، إلى نطاق مسؤولية السلطة، سيكون لديه الوقت للتفكير في هذا الخيار قبل أن يقرر ما يريده."
· وسئل باراك عمّا إذا كان يعتبر أبو مازن شريكاً فأجاب: "إن أبو مازن هو زعيم السلطة المنتخب بطريقة أكثر ديمقراطية من الطريقة التي انتخب بها بشار الأسد. ويجب أن نتعامل معه على هذا الأساس، وهو شخص رصين وزعيم فلسطيني... وهو بالتأكيد شريك ومحاور." وأضاف: "يقوم أبو مازن وسلام فياض ببناء المؤسسات الفلسطينية ويحاولان فرض هيبة القانون. قد لا نوافق على سلوكهما تجاه الأمم المتحدة، لكن في الضفة هناك قوات أمنية تساهم في فرض النظام العام واحترام القانون وسط الفلسطينيين، وهي تحارب الإرهاب لاعتبارات تخصها، وهذا أمر جيد بالنسبة إلى إسرائيل ولا يمكننا تجاهله."
الخطر الإيراني
· وفيما يتعلق بالخطر الإيراني، أوضح إيهود باراك أنه يوافق رئيس الحكومة الرأي في هذه المسألة، وأنه ليس في إمكان إسرائيل الاعتماد على العالم أو على الولايات المتحدة للعمل ضد إيران. وقال: "آمل بألا يسمح العالم للإيرانيين بامتلاك القدرة النووية، لكن هذا لا يعني أننا نعتمد على العالم في هذا الشأن، ولا حتى بنسبة 1٪. ونحن نقول في نهاية المطاف إن المسؤولية عن القرارات المصيرية المتعلقة بمستقبل أمن دولة إسرائيل، مثل موضوع إمكان حصول إيران على السلاح النووي، لا يمكن أن نفوضها لأحد، ولا حتى للولايات المتحدة، فهذه مسؤولية وطنية من الدرجة الأولى، وأعرف بأن الأميركيين يدركون هذا الموقف ويحترمونه."
· وسئل عمّا إذا لم يعد هناك مفر من عملية عسكرية لوقف المشروع النووي الإيراني، فأجاب: "لا أرغب في الدخول في مثل هذه التصريحات. فما نرغب فيه هو أن نستيقظ يوماً ما ونرى أن الإيرانيين قرروا وقف مشروعهم، لكن هذا بعيد عن الواقع. لا يزعجني أن يقرر الأميركيون أنهم بحاجة إلى أن يعملوا ضد إيران وفق اعتباراتهم الخاصة، وعندما نقول إن جميع الاحتمالات مطروحة على الطاولة فإننا نقصد ذلك."
· وعمّا إذا كان يرى في مواقف نتنياهو من إيران تدخلاً في الانتخابات الأميركية، أجاب: "خلال اللقاءات التي أجريتها هذا الأسبوع في واشنطن حملت معي رسالة واضحة هي أن رئيس الحكومة يقصد ما يقوله عن الموضوع الإيراني، وأن موقفه هذا يعبر عن موقف دولة إسرائيل ولا يعبر عن موقف شخصي، وأن نتنياهو لا يقصد بكلامه التدخل بمسار الانتخابات الأميركية. فتأييد الحزبين الأساسيين ودعم عموم الشعب الأميركي يشكلان رصيداً مهماً بالنسبة إلى إسرائيل، ذلك بأن الولايات المتحدة هي شريكتنا الأهم، ويوجد بيننا تعاون استخباراتي استثنائي، بالإضافة إلى الدعم الأمني، الذي علينا المحافظة عليه."
· وعن الوضع السوري قال: "نتابع عن كثب احتمال انتقال السلاح المتطور إلى لبنان، ولسنا الوحيدين الذين يفعلون ذلك، فهناك أيضاً الأميركيون الذين يراقبون السلاح الكيماوي، ونأمل بألا يجري نقل هذا السلاح. وقد أوضحنا رفضنا المطلق لانتقال صواريخ سكود أو الصواريخ المضادة للطائرات المتطورة إلى لبنان، ونحن مستعدون لكل الاحتمالات التي تنجم عن ذلك. أمّا بالنسبة إلى الأسد، فما دام العالم لم يتفق بعد على عمل مباشر ضده، فإنه سيظل في الحكم، لكني مقتنع بأنه بات غير قادر على الخروج من الوضع الذي بلغه اليوم."
· وعن الوضع المصري مصر، قال باراك: "لدينا اتفاق سلام مع مصر، ولدينا هناك سفير جديد، وهو دبلوماسي مهم، ولدينا اتصالات على المستوى العسكري، لكن الوضع اختلف عما كان عليه في الماضي، والتحولات التي تجري وسط الشعب المصري كبيرة جداً. قد لا نحب ما يجري هناك، لكن مثلما أن الإنسان لا يستطيع أن يختار أهله، فهو أيضاً لا يستطيع أن يختار جيرانه. علينا احترام الإرادة المصرية، ونريد من المصريين أن يحترموا الاتفاقات المعقودة، ويجب المحافظة على اتفاق السلام."
· وبالنسبة إلى غزة، قال: "إن السياسة المنتهجة تجاه القطاع حكيمة للغاية. ونحن نتحرك بطريقة دقيقة ومركزة ضد من يعدّ لهجمات على إسرائيل، وندافع عن سكان إسرائيل بواسطة القبة الحديدية. ومن شأن انضمام منظومات سلاح جديدة أن تغير مستويات الأمن والردع والإنجاز الذي يمكن أن يتحقق في حال حدوث مواجهة."