من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· إن وزير الخارجية الإسرائيلية، أفيغدور ليبرمان، على حق، عندما يقول أن التوصل إلى اتفاق دائم مع الفلسطينيين لن يتم في غضون عامين. ويمكن تفسير أقوال ليبرمان بأنها استفزاز لمنافسه وشريكه السياسي، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إلا إنها يمكن أن تكون تعبيراً عن شعور وزير خارجية من دون صلاحيات حقيقية بالإحباط.
· ومع ذلك، فإن ما يقوله ليبرمان ينطوي على حقيقة أكيدة، فالنزاع الإسرائيلي ـ العربي مستمر منذ تأسيس الحركة الصهيونية، ولن ينتهي بسرعة، ولا حتى بطقوس توقيع اتفاق دائم. ولا يعتبر هذا الأمر ظاهرة فريدة، ذلك بأن إقامة دول جديدة تثير عادة نزاعات طويلة الأمد. فوحدة ألمانيا مثلاً، استمرت 120 عاماً، واقترنت بحرب إقليمية كبيرة وحربين عالميتين واحتلال وحرب باردة، كما أن تقسيم الهند في سنة 1947، اقترن بعنف قاس لا يزال مستمراً حتى الآن في إقليم كشمير.
· فما هو الاستنتاج المطلوب في مثل هذه الحالة؟ إن ليبرمان وزملاءه في اليمين الإسرائيلي يطالبون الحكومة بالامتناع من أي تنازل إقليمي [جغرافي]، وإقناع العالم أن المستوطنات [في المناطق المحتلة] شرعية، وبأن العرب أشرار. وهم يؤكدون أن إسرائيل جربت "حلول اليسار"، بدءاً من أوسلو ومروراً بكامب ديفيد وانتهاء بالانفصال وأنابوليس، ولم تحقق السلام. لذا، يجب تغيير هذه المقاربة والتخلي عن الأوهام، حتى يقتنع العالم وتُكرّس سيطرتنا على الضفة الغربية وشرقي القدس.
· غير أن مقاربة اليمين هذه تتجاهل حجم إسرائيل ومكانتها في أسرة الشعوب، فهي ليست دولة عظمى مثل روسيا والصين، ولا دولة معزولة حصينة مثل كوريا الشمالية، فضلاً عن أن اقتصادها متعلق إلى حد كبير بالتصدير والاستثمارات الخارجية، وأمنها مرتكز على دعم الولايات المتحدة العسكري والدبلوماسي. وفي مقابل ذلك كله، فإن "العالم" يتوقع من إسرائيل أن تقوم برسم حدودها، وأن تقلل التحرش بجيرانها.
· ولا شك في أن عملية السلام شقّت أمام إسرائيل، أكثر من أي شيء آخر، طريقاً إلى الأسواق والأماكن السياحية في الخارج، وربطت الاقتصاد الإسرائيلي بعجلة الاقتصاد العالمية، وأدت إلى قبولها كدولة شرعية في الشرق الأوسط.
· وعلى الرغم من أن نتنياهو غير مؤمن، أكثر من ليبرمان، بإمكان التوصل سريعاً إلى الاتفاق الدائم، إلا إنه يدرك، مثل أسلافه من رؤساء الحكومة في إسرائيل، أن مصير الدولة مرهون بـ"قوتها وشرعيتها"، كما قال دافيد بن ـ غوريون. وقد ضعفت قوة إسرائيل في الآونة الأخيرة، بسبب تعاظم قوة إيران، كما أن شرعيتها اهتزت بسبب عملية "الرصاص المسبوك" [في غزة] والمستوطنات، ولذا، فإنها بحاجة إلى مزيد من الاعتراف والدعم، وهذا يوجب إرضاء العالم والتقدم بالتدريج في عملية السلام، بدلاً من استفزاز الغوييم [الأغيار] بصورة لا لزوم لها.