خيار التهدئة سياسي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       إن ما ستدفعه إسرائيل، في ظل اتفاق التهدئة مع "حماس"، هو خطوات ملموسة في مقابل تعهدات مستقبلية عامة، وذلك على غرار ما حدث في اتفاق أوسلو. ولا يدور الحديث عن "هدوء في مقابل هدوء" فقط، إذ إن إسرائيل سترفع، في غضون أيام قليلة، جزءاً كبيراً من الحصار الاقتصادي الذي فرضته على قطاع غزة. ورداً على ذلك وعدت "حماس" بأن تجدد الاتصالات بشأن الإفراج عن [الجندي المختطف] غلعاد شاليط، أمّا المصريون فقد وعدوا بأن يعملوا، بتصميم أكبر، على منع عمليات تهريب الأسلحة.

·       يبقى السؤال: كيف يمكننا قياس الجهد الحقيقي لدفع صفقة شاليط قدماً؟ هل مجرد بذل جهود حثيثة بهذا الشأن، من دون التوصل إلى اتفاق، يلبي الشروط؟ أمّا بالنسبة إلى عمليات تهريب الأسلحة، فعلى الرغم من إعلان إسرائيل أنها ستدرس فعالية التحرك المصري لمنعها، فإن من المشكوك فيه أن تفجر الاتفاق بسبب أداء مصر، علاوة على أن شعبة الاستخبارات العسكرية تقدر بأن عمليات تهريب الأسلحة ستصبح قليلة، بعد أن أصبح عدد البنادق، التي في حيازة "حماس" في القطاع، أكبر من عدد الأشخاص المدربين على استعمالها.

·       عندما طُلب إلى اللواء (احتياط) عاموس غلعاد، وهو المسؤول الإسرائيلي الذي وقّع اتفاق التهدئة، أن يشرح سبب توقيعه هذا الاتفاق بشروط غير مريحة لإسرائيل، قال إن الحديث يدور على خيارين أحلاهما مرّ. وهو يعتقد، على غرار وزير الدفاع إيهود باراك، أن الصدام مع "حماس" شبه حتمي، على المدى البعيد، لكن عندها يصبح في إمكان الحكومة الإسرائيلية أن تقول للجمهور العريض إنها جربت كل شيء، وحان الآن دور الجيش الإسرائيلي.

·       ما ليس في إمكان غلعاد أن يقوله هو أن خيار التهدئة كان سياسياً، وأن القرار بشأنها حُسم منذ أن توصل رئيس الحكومة إيهود أولمرت، ووزير الدفاع إيهود باراك، إلى الاستنتاج أنهما لا يحظيان بتأييد جماهيري عام، أو بطول نفس سياسي، من أجل اتخاذ قرار بشن عملية عسكرية برية كبيرة في القطاع.

·       إن رئيس هيئة الأركان العامة، اللواء غابي أشكنازي، يفهم وضع الائتلاف الحكومي. غير أن هناك كثيراً من كبار الضباط يرون أن الاتفاق خطأ كبير. وفي نظر هؤلاء، فإن إسرائيل لم تجرب قط مجموعة من الإمكانات الأخرى التي لا تصل إلى حد احتلال القطاع، ولو فعلت ذلك، لكان في إمكانها أن تفرض على "حماس" اتفاق تهدئة من موقع قوة مغاير تماماً.

·       لا يجوز أن نتغاضى عن تأثير حرب لبنان الثانية في سلوك إسرائيل تجاه غزة. أمّا بالنسبة إلى الطرف الآخر، فعلى الرغم من أن "حماس" اختارت التهدئة بعد الحصار الذي فرضته إسرائيل، إلا إنها تسجل لمصلحتها قائمة طويلة من الإنجازات. أول هذه الإنجازات هو اعتراف إسرائيل، بصورة غير مباشرة، بأن الحركة هي صاحبة الأمر والنهي الوحيدة في القطاع، الأمر الذي سيؤدي إلى تأكل موقف الأسرة الدولية التي أيدت دعوة إسرائيل إلى عدم الاعتراف بسلطة "حماس".