السلام ليس حملة مبيعات نهاية الموسم
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       قبل أكثر من عامين، في نيسان/ أبريل 2006، أطلق رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، بشرى الانطواء*، وأوجد خطاباً عاماً خلق مناخاً كما لو أن تفكيك جزء كبير من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية على وشك أن يحدث. غير أن هذه الخطة لم تُترجم إلى لغة التوجيهات والأوامر الحقيقية، وبقيت فارغة من أي مضمون.

·       صحيح أن حرب لبنان الثانية وفرت ذريعة للتخلي عن خطة الانطواء، غير أنها لفظت أنفاسها الأخيرة لا بسبب هذه الذريعة فقط، بل إنها تبخرت، أولاً وقبل أي شيء، لأنها لم تقم على أساس حقيقي. فمن أجل أن تتوصل إسرائيل إلى استنتاج فحواه أن الأفضل لها أن تنسحب من معظم أراضي الضفة، كان لا بدّ من تهيئة القلوب وإعداد الوسائل اللازمة لتطبيق ذلك. إن اكتفاء أولمرت بإعلان نيات فقط، حكم على خطته بأن تتلاشى.

·       يجدر بهذه العبرة أن تستقر في الوعي في الوقت الذي ترد فيه أنباء عن استئناف قريب للمفاوضات غير المباشرة مع سورية. إن ما يجب التذكير به هو أن السلام ليس حملة مبيعات نهاية الموسم، وإنما ثمرة عملية عاطفية، أيديولوجية وسياسية يتعين على كل المجتمع أن يعيشها. ومثل هذه العملية الحيوية بالنسبة إلى احتمالات السلام مع سورية لم تبدأ بعد.

·       صحيح أن هناك أهمية معينة لمجرد الكشف عن استعداد قيادة الدولة لبدء حوار مع السلطة في دمشق، بعد أن أصبح ثمن السلام معروفاً للطرفين، غير أن ذلك يبدو مشوباً بدوافع غريبة مرتبطة بضائقة أولمرت الشخصية والسياسية.

·       مهما يكن، فإن البنية التحتية التي يجب أن نبني عليها التهيئة لتلك المفاوضات، هي استبدال المفهوم الرائج حتى الآن بأن الجولان هو رصيد استراتيجي لا يجوز أن نتنازل عنه، حتى لو بثمن خوض حرب، بمقاربة أخرى فحواها أن السلام مع سورية هو ضمانة مفضلة لازدهار إسرائيل ولأمنها.

________

* الإشارة إلى الشعار الذي أطلقه أولمرت بعيد تسلمه رئاسة الحكومة، والذي يتضمن الانسحاب من المناطق التي لا تريد إسرائيل ضمها إليها.