· يدرك بنيامين نتنياهو أن واجبه كرئيس للحكومة الإسرائيلية يحتم عليه أن يستغل الفرصة السانحة الآن من أجل التوصل سريعاً إلى اتفاق شامل مع الفلسطينيين، وهو على استعداد لدفع الثمن المترتب على ذلك. وكان نتنياهو أكد، خلال محادثات خاصة قبيل الانتخابات الإسرائيلية العامة الأخيرة [التي أجريت في شباط/ فبراير 2009]، أنه قادر على إحراز السلام لإسرائيل فوراً.
· ويمكن القول إن نتنياهو ترك انطباعاً جيداً لدى [الرئيس الأميركي] باراك أوباما، خلال اللقاء الذي عقد بينهما مؤخراً، ذلك بأنهما كانا متفقين بصورة شبه كاملة على الخطوط الرئيسية للتسوية الإسرائيلية ـ الفلسطينية ـ العربية. غير أن هذا التوافق لم يصمد طويلاً، ويبدو أن نتنياهو تغيّر رأساً على عقب وهو في طريق عودته إلى القدس، وتحوّل من زعيم قائد إلى زعيم مقود، ومن قائد يملك زمام المبادرة إلى قائد يتهرب من المسؤولية.
· ومع ذلك، فإن من الظلم تحميل نتنياهو وحده المسؤولية كلها عن انعدام التسوية. فالقيادة الحالية للسلطة الفلسطينية، ولا سيما [رئيس السلطة] محمود عباس والقادة القدامى، لا تزال مصرّة على عدم إجراء مفاوضات مع نتنياهو. ولا بُد من القول إن هذه القيادة تفعل ذلك لأنها تخاف من أن يقترح نتنياهو عليها خطة سلام لا يمكنها رفضها خشية أن تخسر تأييد الغرب، وفي الوقت نفسه، لا يمكنها قبولها خشية أن تخسر تأييد الدول العربية.
· إن السلطة الفلسطينية أصبحت منهكة ومنقسمة على نفسها، ولم تعد تملك القوة الكافية لاتخاذ قرارات عملية حاسمة وإيجابية.
بناء على ذلك، يمكن القول إنه على الرغم من أن القيادة الفلسطينية الحالية هي أكثر قيادة على استعداد للتوصل إلى تسوية شاملة مع إسرائيل، إلا إنها أكثر قيادة تخاف من تسوية كهذه. كذلك، فإنه على الرغم من أن نتنياهو لم يكن في السابق مستعداً للتوصل إلى تسوية سلمية مع الفلسطينيين كما هو مستعد لها الآن، إلا إنه لم يكن خائفاً من تسوية كهذه مثلما هو خائف الآن. ولذا، قد يتوصل الجانبان إلى سلام الخائفين بدلاً من سلام الشجعان الذي سبق أن تحدث عنه كل من [رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق] يتسحاق رابين و[رئيس السلطة الفلسطينية السابق] ياسر عرفات.