أوباما ونتنياهو مسؤولان عن فشل كبح المشروع النووي الإيراني بالطرق السلمية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       أخطأ ميت رومني عندما قال إن باراك أوباما ألقى بإسرائيل تحت عجلات الباص، فالصحيح هو أن أوباما ألقى بنفسه تحت عجلات الباص، والسبب أنه يواجه، منذ سنة 2009، تحدياً واضحاً هو كبح مشروع إيران النووي من دون مهاجمة إيران.

·       في الواقع، لم يكن في مقدور أوباما السماح بأن تصبح إيران دولة نووية، لأن معنى هذا تحول الشرق الأوسط إلى منطقة نووية، ونشوء عالم نووي، وفوضى دولية. لكن من جهة أخرى، لم يستطع أوباما السماح لنفسه بخوض الحرب ضد إيران، إذ إن رؤيته إلى العالم، والتجربة المؤلمة للحرب في أفغانستان والعراق، لا تسمحان له بخوض مواجهة عسكرية مع دولة عظمى شيعية. ولذا كان ينبغي له خلال الربع الأول من ولايته في البيت الأبيض معالجة السرطان الإيراني بواسطة العلاج الكيماوي، أي الحصار السياسي والاقتصادي والعقوبات القاسية، لكنه لم يفعل ذلك، وحاول أن يعالج الوضع من خلال المفاوضات. وعندما قرر أخيراً تغيير أسلوبه، ظل يتصرف بحذر شديد وببطء كبير. ومن المحتمل أن الحرص على عدم التسبب بارتفاع أسعارالنفط قبل انتخابات 2012،هو الذي منع أوباما من الدخول في مواجهة غير عسكرية مع إيران، فكانت النتيجة ما كشفته الصور التي عرضتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع الماضي، وهي أن بذور المشروع النووي الإيراني قد انتشرت في جميع أنحاء إيران.

·       من الواضح اليوم أن العلاج الكيماوي لن يكون كافياً لمعالجة السرطان النووي الإيراني. وبات الخيار الوحيد المطروح أمام الولايات المتحدة هو تحديداً ما كانت تريد أن تتجنبه: إمّا قصف المنشآت النووية الإيرانية، وإمّا القبول بإيران نووية.

·       من جهته يعتقد نتنياهو أن أوباما ألقى بإسرائيل تحت عجلات الباص، لكنه أخطأ في تفكيره هذا، إذ إنه هو الذي ألقى بنفسه تحت عجلات الباص. ففي سنة 2009 واجه رئيس الحكومة المنتخب تحدي كبح المشروع النووي الإيراني. وكان مدركاً لحقيقة الخطر الإيراني أفضل من أي سياسي في العالم، وهو من أكثر زعماء إسرائيل معرفة بالولايات المتحدة، من هنا يمكن القول إن نتنياهو كان الرئيس الصحيح في المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح، وكان في إمكانه أن يفعل المستحيل من أجل بلورة تحالف أميركي - إسرائيلي وثيق ضد إيران، إلاّ إنه كان يشكو من نقطتي ضعف، هما: الشك والبخل. فشكوكه كانت السبب في دخوله في كباش مع أخصامه بدلاً من بناء علاقات ثقة مع شركائه، أمّا بخله فقد جعله عاجزاً عن دفع أثمان بسيطة من أجل الحصول على مكتسبات جوهرية.

·       لم يقبل نتنياهو التضحية بالمستوطنات من أجل كبح مراكز الطرد المركزي، ولم يستطع أن يمنح موقف إسرائيل شرعية دولية، ولم يفشل في الوصول إلى قلب رئيس الولايات المتحدة فحسب، بل دفعه إلى أن يبغضه، كما أنه هو الذي تسبب بالوضع الحالي الذي تبدو فيه إسرائيل كأنها هي التي تهدد السلام في العالم وليس إيران، وهو المسؤول أيضاً عن التدهور الكبير في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية في هذه المرحلة البالغة الدقة.

·       ليس هناك قواسم مشتركة كثيرة بين أوباما ونتنياهو، فأوباما هو رئيس دولة عظمى في أميركا الشمالية، بينما نتنياهو هو رئيس حكومة دولة صغيرة في الشرق الأوسط، وأوباما شخصية ليبرالية تحاول تحويل أميركا إلى فرنسا، في حين أن نتنياهو شخصية محافظة تحلم بتحويل إسرائيل إلى أميركا. وعلى الرغم من ذلك، يواجه أوباما ونتنياهو الفشل عينه، فإذا لم يتحركا في وقت قريب، فسيتحدث عنهما التاريخ بأنهما انشغلا بخلافاتهما الصبيانية بدلاً من العمل معاً في مواجهة الخطر المشترك.