لعبة "كباش" بين العالم وإيران
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

·       يمكن القول إنه على صعيد النتائج المباشرة لم يتم التوصل إلى شيء في جولات المفاوضات الثلاث الأخيرة التي جرت بين الدول الخمس زائد واحد وبين إيران بشأن مشكلة السلاح النووي الإيراني. ومن هذا المنظور لا تزال إيران تواصل بنجاح مناوراتها المعروفة منذ عقد من الزمن في التأجيل، بينما يواصل المجتمع الدولي سلوكه الساذج إزاء المسألة ويظهر عجزه عن مواجهة استمرار إيران في سعيها لامتلاك السلاح النووي.

·       لكن على الرغم من ذلك، حدثت أمور مهمة خلال الأشهر الماضية من شأنها تؤدي إلى تحقيق إنجازات في المفاوضات الجارية، وفي طليعة هذه الأمور نشوء دينامية للتفاوض هي أشبه بلعبة "كباش" بين الطرفين، بحيث يتمسك الخصمان بمواقفهما، ويحاول كل طرف أن يلوي ذراع الطرف الآخر. وهذه صورة جديدة مختلفة عن السابق، إذ كان إصرار المجتمع الدولي على موقفه موضع شك، وكانت إيران تتمتع بتفوق بارز على الغرب بسبب موقفها الموحد والصلب، في حين لم يكن لدى الدول التي تقف في مواجهتها موقف موحد، وكانت غير مستعدة لفرض عقوبات صارمة ضد إيران خوفاً من انعكاسات ذلك على اقتصاد بلادها.

·       إن القرارات التي اتُخذت بدءاً من سنة 2012 بفرض الحظر على النفط الإيراني وفرض عقوبات "معطلة" ضد المصرف المركزي في إيران، مهمة جداً، فقد تسببت بمعاناة واضحة لإيران وألحقت الضرر بالنظام. صحيح أن هذه القرارات اتُخذت خارج إطار مجلس الأمن، لكن المحادثات التي أجرتها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا أوجدت جبهة موحدة، وقد رفضت الدول الغربية محاولات إيران التخفيف من هذه العقوبات.

·       مع ذلك، فإن توجه العديد من الأشخاص في إسرائيل إلى ربط التشدد الجديد في الموقف الدولي من إيران بالضغط الإسرائيلي وبالرغبة في منع إسرائيل من القيام بهجوم عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، هو أمر مبالغ فيه. فالتشدد الدولي الجديد لديه ديناميته الخاصة، ويمكننا، لدى العودة إلى الأعوام الأخيرة، أن نلاحظ  أن الإصرار الأميركي كان يزداد كلما واصلت إيران طريقها ورفضت التفاوض بجدية. فالتقرير الأخير للجنة الدولية لمراقبة السلاح النووي العائد إلى سنة 2011 كان حاداً، وهو الذي أدى إلى تشديد العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على إيران بصورة فورية، من دون أن يكون لذلك علاقة بالتهديدات الإسرائيلية.

·       ويمكن أن نضيف أنه على الرغم من الانشغال الكبير بمسألة ما إذا كانت إسرائيل ستهاجم إيران أم لا، فمن المفيد الانتباه إلى مستوى التفاهم والتنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة، والذي يشكل رسالة إلى إيران مفادها أن أميركا وإسرائيل متقاربتان جداً في مواقفهما. وإذا كان هذا الأمر ليس جديداً بالنسبة إلى إيران، التي تعودت على الربط بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فإنه سيصبح غير مريح لها حين يتوسع التنسيق ليشمل روسيا. من هنا فإن زيارة الرئيس بوتين لإسرائيل من شأنها أن تثير قلق إيران.

·       يجب ألاّ تختلط الأمور علينا، فإيران لم تغير توجهها في الشأن النووي، لكن من الخطأ القول إن العقوبات لم تعط نتيجة لأنها لم تؤد بعد إلى إحداث التغيير المطلوب.

·       لقد أدى رفع العقوبات إلى مجيء إيران إلى طاولة المفاوضات بطريقة مختلفة عن الماضي. كما أسفرت الدينامية الحالية للمفاوضات عن تمسك كل طرف بموقفه حتى يتراجع الطرف الآخر أو يتنازل. من هنا يجب مواصلة الضغط وزيادته، وعلى المجتمع الدولي ألاّ يكون مَن يتراجع أولاً.