في بعض الأحيان ضبط النفس دليل قوة وهو الخيار الصحيح
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       يحاول الفلسطينيون أو المؤيدون لهم، مرة كل بضعة أشهر، تنفيذ هجوم أو إطلاق صواريخ من غزة، فتبادر إسرائيل إلى الرد فوراً وبصورة تلقائية وقوية، الأمر الذي يستدعي رداً فلسطينياً على هجماتها، فتتحول مستوطنات الجنوب لعدة أيام إلى ساحة حرب، إلى أن يجري الاتفاق على وقف إطلاق نار موقت وتعود الحياة إلى مجراها الطبيعي.

·       تحتفظ إسرائيل بحقها الشرعي في الرد على أي هجوم على أراضيها وعلى أمن مواطنيها، لكن هذا الرد العسكري لا يؤدي سوى إلى تدهور الوضع والتصعيد والتسبب بمعاناة كبيرة لسكان الجنوب، ولا يحقق شيئاً عملياً.

·       هذا ما حدث خلال الأسبوع الحالي، فالهجوم على الحدود مع مصر أدى إلى مقتل مواطن إسرائيلي، وهو ما استوجب رداً إسرائيلياً على غزة رد عليه الفلسطينيون بإطلاق الصواريخ على الجنوب، الأمر الذي أوقع جرحى وتسبب بالهلع وخلّف دماراً. وبعد مرور بضعة أيام على تبادل الضربات، بدأ أمس يتبلور اتفاق لوقف النار بوساطة مصرية. فماذا حققت إسرائيل من خلال ردها هذا؟ إنها غير قادرة على تحقيق الردع بواسطة الرد العسكري، والدليل على ذلك تكرار الهجمات عليها، كما أنها عاجزة عن تحقيق الشعور بالأمان لسكان الجنوب، فكل عملية انتقام تقوم بها إسرائيل تدفع بهؤلاء السكان إلى الملاجىء.

لذا، حان وقت التفكير في أسلوب جديد وسلوك  مختلف. إذ تستطيع إسرائيل أن تضبط نفسها أحياناً، من دون أن يؤدي ذلك إلى المساس بمواطنيها. بل ربما على العكس من ذلك، يجب عليها عدم الرد على كل اعتداء بصورة تلقائية من خلال تجاهل النتائج المترتبة على الرد. كما أن الرد على الهجمات التي تنطلق من مصر ضد إسرائيل ليس بالضرورة أن يكون على قطاع غزة، فكون إسرائيل تمتنع من جر مصر إلى المواجهة لا يفرض عليها مهاجمة غزة. هناك حالات يكون فيها ضبط النفس دليل قوة حقيقية، الأمر الذي ينطبق أحياناً على الحدود الجنوبية. فما دام الجمود السياسي مستمراً، وما دام الإغلاق مفروضاً على غزة، ستتواصل الهجمات ضد إسرائيل. لذا يتعين على إسرائيل ألاّ تقع في كل فخ تنصبه لها المنظمات في غزة وسيناء التي ترغب في التصعيد، لأنه في بعض الأحيان يكون ضبط النفس هو الخيار الصحيح.