الأزمة مع الولايات المتحدة ناجمة أساساً عن الاستراتيجيا السياسية الإسرائيلية إزاء إيران
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

 

  • يمكن القول إن الأزمة الناشبة بين إسرائيل والولايات المتحدة في الوقت الحالي غير ناجمة عن الصفقة الآخذة في التبلور بشأن أزمة البرنامج النووي الإيراني فحسب، وإنما هي أيضاً نتيجة مباشرة للاستراتيجيا السياسية التي بلورتها إسرائيل خلال الأعوام القليلة الفائتة إزاء إيران. وبموجب هذه الاستراتيجيا تطلعت إسرائيل إلى جعل الموضوع النووي الإيراني قضية دولية مدرجة في جدول أعمال القوى العظمى.
  • فقد طالبنا بأن يتصدر العالم مهمة كبح البرنامج النووي الإيراني، وبموازاة ذلك طالبنا بفرض عقوبات دولية على إيران وبأن تأخذ القوى العظمى المسؤولية وتدير المعركة ضد طهران حول مائدة المفاوضات، كما إذا كان بإمكانها أن تديرها في الميدان أيضاً. وبذلك أردنا أن يكون العالم المتنوّر والمسؤول مستعداً لأن يستثمر القدرات ويضحي بالأرواح لتحقيق الهدف، واستجاب العالم لمطالبنا واحتل موقع الصدارة بدلاً منا.
  • إلى هنا كان النجاح حليفنا.غير أننا اعتقدنا أنه سيكون بإمكاننا ليس فقط أن نحثّ العالم على الفعل بل أيضاً أن نحتفظ لأنفسنا بصلاحية الرقابة على نشاط القوى العظمى، والحكم عليها إن كانت تفعل ذلك كما ينبغي أم لا، والتدخل من أجل إصلاح ما يحتاج إلى إصلاح برأينا. وعندما حدث ذلك، اكتشفنا أن الوضع الدولي معقد أكثر مما كنا نتصوّر. 
  • ولا ينفك رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن الإعلان على الملأ وأمام العالم أجمع، أن الصفقة الآخذة في التبلور خطأ تاريخي وأن إسرائيل لن تكون ملزمة بها. وهو على حق، فإسرائيل غير معنية بهذه الصفقة ليس لأنها جيدة أو سيئة، بل لأنها قررت مسبقاً أنها لن تشترك مع الدول العظمى في المفاوضات، بعد أن أودعت مصيرها لديها، مصيري، وافترضت أن هذه الدول ستعمل وفقاً لتوجيهاتها. ونشأ وضع أصبحت فيه إيران تدير مفاوضات مع ست قوى عظمى بشأن موضوع مصيري لدول الشرق الأوسط كافة في ظل غياب تلك الدول. ولا شك في أن ذلك يشكل وصفة لسلسلة مواجهات لا تنتهي بين الولايات المتحدة ودول المنطقة.
  • ولا بدّ أيضاً من أن نلاحظ أنه في ظل تقدّم المفاوضات بين إيران والقوى العظمى، فإن الولايات المتحدة سحبت معارضتها لانضمام نظام طهران إلى مجموعة الدول التي يفترض أن تناقش وتحسم مصير سورية. وعلى الرغم من أن إسرائيل لديها حدود مشتركة مع سورية، فإنها لن تجلس حول مائدة المفاوضات التي ستناقش مستقبل النظام في دمشق، بينما إيران التي ليس لها حدود مشتركة مع سورية، لكن قواتها تعمل داخل الأراضي السورية علناً، ستنضم إلى هذه المائدة. ويمكن الافتراض أن إسرائيل تتوقع من الولايات المتحدة أن تكون حريصة على مصالحها هنا أيضاً، ولكنها ربما تصاب بخيبة أمل أخرى.
  • إن لإسرائيل والولايات المتحدة منظومة علاقات متميزة لا يجوز لنا أن نتخلى عنها. لكن يتعين علينا أن ندرك أنه لا توجد وجبات مجانية، وحان الوقت الذي يجب فيه على إسرائيل أن تطالب بمكانها في أي مائدة مفاوضات يتم فيها مناقشة قضايا تتعلق بمصيرها.
  • إذا كانت إسرائيل على حد قول رئيس الحكومة، هي المسؤولة وحدها عن مصيرها، فعليها أن تمارس هذه المسؤولية حول المائدة الدبلوماسية أيضاً، وليس فقط في ميدان المعركة.
  • على إسرائيل أن تطالب بمكانها حول أي مائدة تناقش مصير منطقتنا. وعليها أن تسعى إلى وضع لا يكون فيه أمام إيران بديل غير الجلوس أمام إسرائيل على المستوى السياسي. وفي حال بقاء إسرائيل خارج الغرف الدبلوماسية دائماً، فإنها ستبقى مع بديل واحد فقط لتحقيق أهدافها هو الحرب، وستظل إلى الأبد تعيش على أسنة الحراب.
 

المزيد ضمن العدد 1779