استخدام الغاز الطبيعي في قطاعي الصناعة والنقل في إسرائيل
المصدر
معهد السياسات والاستراتيجيا – جامعة ريخمان، المنظّم لمؤتمر هرتسليا السنوي

من معاهد الدراسات الاستراتيجية المعروفة، ولا سيما المؤتمر السنوي الذي يعقده ويشارك فيه عدد من الساسة والباحثين المرموقين من إسرائيل والعالم. يُصدر المعهد عدداً من الأوراق والدراسات، بالإضافة إلى المداخلات في مؤتمر هرتسليا، التي تتضمن توصيات وخلاصات. ويمكن الاطّلاع على منشورات المعهد على موقعه الإلكتروني باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مؤتمر هرتسليا السنوي

ترجمة يولا البطل

استخدام الغاز الطبيعي

في قطاعي الصناعة والنقل في إسرائيل
 

·       سيُشكل الاستخدام الممكن للغاز الطبيعي في قطاعي الصناعة والنقل في إسرائيل أحد محاور النقاش الرئيسية المخصصة للطاقة في مؤتمر هرتسليا القادم. فلقد نوقشت مسألة تصدير الغاز الطبيعي فـي مؤتمر هرتسليا الأخير [الـ 12]، وعلـيــه، ســنحاول تجـنــب إعــادة طــرحهــا مجـــدداً فــي المؤتمــر القــادم [الـ 13]. ولهذه الغاية، سيجري النقاش وفق نسق "الهندسة العكسية"، والمقصود بذلك هو رسم خريطة "الإمكانات الاقتصادية الفضلى" التي يوفرها استخدام الغاز الطبيعي، لتحديد الطرق التي ستقود الاقتصاد إلى تحقيق هذه الإمكانات.

·       بحلول منتصف 2013، من المتوقع دخول إسرائيل حقبة جديدة تشهد تدفّق الغاز الطبيعي من حقل "تمار" إلى الاقتصاد مباشرةً. وستقوم شركة الكهرباء الإسرائيلية بشراء ما نسبته 92% من حجم إمدادات الغاز، بينما تلبي الـ 8% الباقية احتياجات كبار مستهلكي الطاقة في الاقتصاد  (شركة "كيميكاليم ليسرائيل" Israel Chemicals، وشركة "نيشر- مصانع الإسمنت"، ومحطات التكرير "بازان"). وتجدر الإشارة إلى أن هيكلية استخدام الغاز المذكورة أعلاه هي نتيجة عقود شراء الغاز التي وقعت خلال السنوات الخمس الأخيرة بين المزوّد الوحيد للغاز الطبيعي، أي مجموعة "نوبل إنرجي/ ديليك للحفر"، وبين شركة الكهرباء وكبرى الشركات المذكورة أعلاه. ولقد حدّدت هذه العقود هيكلية قطاعية تشمل حالياً إعطاء الأفضلية لكبار المستهلكين، ولشركة الكهرباء تحديداً، بحيث يشكل العقد الموقع مع هذه الأخيرة "مؤشر قياس مقارن" لتسعير الغاز داخل البلد. مما يجعل سعر الديزل (السولار)/ المازوت سقفاً أعلى في تحديد سعر الغاز.

·       وعلى الرغم من اكتشافات حقول الغاز الكبيرة في السنوات 2009 و2010 ("تمار" ثم "لفيتان" على التوالي)، لم تضع إسرائيل حتى الآن سياسة وطنية شاملة تحدد مجالات استخدام الغاز الطبيعي. ففي الدول المشابهة لإسرائيل من حيث امتلاكها ثروات الغاز، جرى تطوير مزيج متقن من الاستخدامات. وضمن هذا الاطار، يُستخدم نحو 36% من إجمالي الغاز المستهلك لتوليد الطاقة الكهربائية في هذه الدول، ونحو 17% في القطاع الصناعي، ونحو 9% لتلبية طلب صناعة الطاقة ذاتها، ونحو 3% في قطاع النقل، ونحو 3% كبديل للسولار في الصناعة، ونحو 30% لسد الاحتياجات المنزلية، والتجارية، والخدمات العامة.

·       ويستند هذا المزيج من الاستخدامات الموصوف أعلاه إلى شبكة نقل وتوزيع لتوصيل الغاز (بالضغط المناسب) إلى كل بيت تقريباً على غرار شبكة توزيع المياه.

·       ثمة فائدة هائلة للاقتصاد من هذه المجالات المتعددة لاستخدام الغاز وهي: تخفيض تكلفة الطاقة في قطاعات الصناعة، واستبدال المدْخلات inputs المستوردة بمُدْخلات من صنع محلي، وزيادة عدد الوظائف أيضاً، وفي حالات معينة تصدير المنتجات المكررة، أضف إلى زيادة القدرة التنافسية بفضل خفض التكاليف. لكن بغض النظر عن التوفير المباشر الذي يتحقق بفضل استخدام الغاز على نطاق واسع، ثمة منافع عديدة أخرى في مجال أمن الطاقة، وعلى صعيد الصحة والسلامة والبيئة.   

·       لكن على الرغم من ذلك، فإن مستوى القرارات التي اتخذت فيما يتعلق بموضوع الغاز لا تؤمن الحد الأدنى من الثقة المطلوبة من أجل البدء بجذب الاستثمارات المطلوبة بغية إرساء قطاع متطور للغاز الطبيعي يبلغ المستوى الموصوف أعلاه. كما تتطلب النشاطات المذكورة مشاركة القطاع الخاص على نطاق واسع في الاستثمار. فإذا لم يرتفع مستوى الثقة، سوف يتأجل، أو ينعدم عنصر المبادرة الذي يشمل مراحل التخطيط للمشاريع، ثم وضع الخطط لتمويلها. فعملية تطوير أي مكوّن من مكوّنات اقتصاد الغاز تستغرق وقتاً طويلاً، بحيث أن القرار المتخذ اليوم معناه أنه لن يبدأ تنفيذ المشروع قبل مرور خمسة أو ستة أعوام.    

·       قبيل انعقاد مؤتمر هرتسليا، عُقدت في 1/3/2013 جلسة نقاش جرى فيها التداول في كيفية استيعاب الغاز الطبيعي في قطاعي الصناعة والنقل في إسرائيل. ولقد وُجّهت الدعوة للمشاركة في النقاش إلى فعاليات اقتصادية وصناعية وإلى هيئات ناظمة تعنى باتخاذ القرارات المتعلقة باقتصاد الغاز. وعكست النقاشات التوجهات الرئيسية لقطاع الأعمال لجهة استخدام الغاز. وتركز النقاش حول الكمية المتاحة للطلب المحلي من الغاز وسعره. ولقد ذُكرت في معرض النقاش الاستخداماتُ التالية:   

·       غاز  و/كيمياء (تطوير صناعة تكرير تستخدم الغاز الطبيعي كمادة أولية): لأنه يمكن استخدام الغاز الطبيعي كبديل عن النفط في صناعة المنتجات الهيدروكربونية. لكن على الرغم من ذلك، لم تضع الفعاليات الصناعية هذه الإمكانية على رأس قائمة أولوياتها، ذلك لأن التحول الكامل  في إتجاه تكرير الغاز يتطلب استثماراً هائلاً  من أجل تطوير بنى تحتية إنتاجية جديدة، في ظل مناخ أعمال غامض يسود قطاع التكرير في البلد وفي العالم. كما طُرحت مقولة إن إسرائيل لا تستطيع التصدي في الأسواق الدولية  إلى كبار البلدان المصدّرة للنفط أو الغاز بأسعار منخفضة، مثل المملكة العربية السعودية وقطر، وإن السوق المحلي أصغر من أن يبرر الاستثمارات المطلوبة.         

·       وقد سُجّل تحفظان على هذا التوصيف: الأمونيا والميثانول. ذلك أن الإنتاج المحلي للأمونيا هو بمثابة "الحلم الندي" للصناعة الكيميائية في البلد. فالأمونيا ومشتقاتها تشكل مواداً أولية رئيسية في سلسلة  طويلة من المنتجات والأسمدة. وتستورد إسرائيل حالياً كل احتياجات الصناعة المحلية من الأمونيا. ومن هنا، فإن الإنتاج المحلي للأمونيا، حتى لو كان السعر أعلى بتسعة أو عشرة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (mmBTU)، يعتبر مجدياً من الناحية الاقتصادية. وعليه، وفي سبيل إقامة مصنع لإنتاج الأمونيا في منطقة "رمات حوفاف" الصناعية [جنوبي بئر السبع]، يتطلب الأمر قرارات على صعيد أعمال البناء، والالتزام بالمعايير البيئية، علاوة على القرارات المتصلة بتخصيص كميات من الغاز لهذا الاستخدام.        

·       والميثانول هو وقود سائل يمكن إنتاجه من الغاز الطبيعي ويمكن مزجه مع البنزين [وقود السيارات]، فيقلص الحاجة إلى استيراد النفط أو البنزين. ويحظى هذا المجال باهتمام كبير من جانب فعاليات اقتصادية إسرائيلية، كما تجري حالياً في منطقة حيفا الصناعية تجربة رائدة لبعض السيارات التي تعمل محركاتها على مزيج من الوقود يحتوي على نسبة 15% من الميثانول. ومن شأن زيادة استخدام الميثانول في أنحاء متعددة من العالم أن يحوله إلى سلعة تباع بسعر عالمي موحد، بحيث يصبح تصديرها مجدياً فوق مستويات أسعار محددة. 

 

·       كما جرى نقاش بشأن الغاز الطبيعي المضغوط CNG المستخدم كوقود في قطاع النقل. فالأمر يتطلب تطبيقات بسيطة ولا يحتاج إلى معالجة معقدة للغاز الطبيعي. ويستخدم الغاز الطبيعي المضغوط أساساً كبديل عن السولار [الديزل] في الحافلات والباصات وما شابه. وبسبب احتوائه على نسبة طاقة حرارية أقل ب 15%  من الديزل، فهو مناسب تماماً للاستخدام كوقود لوسائل النقل التي لا تقطع مسافات طويلة [لكل صحيفة وقود]، على غرار باصات النقل داخل المدن وشاحنات القمامة. ولأنه يعتبر وقوداً صديقاً للبيئة [من ناحية السلامة ومواصفات الاحتراق]، ويخفف التلوث والضوضاء ، فهو مرغوب حتى في البلاد التي تستورد الغاز الطبيعي المسال والثمين.    

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

*  المعهد الإسرائيلي للتخطيط الاقتصادي

ورقة عمل مقدمة إلى مؤتمر هرتسليا الـ 13