ما هو العدد الفعلي للصواريخ التي اعترضتها القبة الحديدية في عملية "عمود سحاب"؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       "إذا كان تحديد نجاح القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ معناه تدمير الرأس الحربية للصاروخ المهاجم، فإن نسبة النجاح في عمليات الاعتراض التي جرت خلال عملية "عمود سحاب" [العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة 14 – 21/11/2012] منخفضة جداً ولا تتجاوز 5%." هذا الكلام المفاجىء، والذي يطرح علامات سؤال حيال الأرقام التي نشرها الجيش الإسرائيلي بشأن النجاحات التي حققتها القبة الحديدية، ورد على لسان البروفسور تيودور بوستول، العالم ذي الشهرة العالمية والخبير بموضوع الدفاع ضد الصواريخ. وقد توصل عالمان آخران في مجال صناعة الصواريخ، بعد أن قاما بدراسة أداء القبة الحديدية إلى خلاصات مشابهة لتلك التي توصّل إليها بوستول، وفحواها أن نسبة نجاح القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ لا تصل أبداً إلى 84% بحسب الأرقام التي قدمها الجيش الإسرائيلي.

·       واستناداً إلى العلماء الثلاثة الذين أجروا بصورة منفصلة تحليلات تفصيلية لعشرات أشرطة الفيديو التي صُوّرت خلال عملية "عمود سحاب"، تبيّن أن شعلة اللهب التي تظهر في أشرطة الفيديو، والتي تبدو للمشاهد كأنها عملية اعتراض ناجحة، هي في الواقع ناتجة من التدمير الذاتي لصاروخ القبة الحديدية نفسه. وأشار هؤلاء إلى أنه في معظم الحالات كان هناك كتلة واحدة من اللهب (في الليل)، أو من الدخان (في النهار)، مستديرة ومتشابهة، ولو كان الأمر يتعلق بعملية اعتراض ناجحة، وبتدمير الرأس الحربية لصاروخ مهاجم، فإنه كان ينبغي لنا أن نرى كتلة ثانية من اللهب أو الدخان بالقرب من الكتلة الأولى.

·       واكشتف هؤلاء العلماء أيضاً ظاهرة غريبة هي أن عمليات الاعتراض للقبة الحديدية اتّبعت كلها مسارات كانت تبدو متشابهة تماماً، ونفذت في نهايتها سلسلة مناورات متشابهة تماماً. وظهر في جزء من الأشرطة عمليات اعتراض تقوم خلالها صواريخ القبة الحديدية بحركة التفاف حادة جداً قبل زمن قصير من تدميرها الذاتي. وفي رأي العلماء، فإنه لا يمكن لصاروخ القبة الحديدية أن "يتذكر" أن عليه التوجه نحو صاروخ الغراد في الربع الأخير للثانية قبل انفجاره. كما ظهر في جزء من الحالات كما لو أن مسارات صواريخ القبة الحديدية مخطط لها بصورة مسبقة. ووجد العلماء أنه في عدد كبير من الحالات شوهدت صواريخ قبة حديدية تبدأ الانقضاض في مرحلة متأخرة من مسارها، وتطارد بصورة متأخرة الصواريخ المهاجمة. وفي مثل هذه الحالات، فإن حظوظ اقتراب صاروخ القبة الحديدية من الصاروخ المهاجم، وهي مسافة تقدّر بنحو المتر كي تستطيع شظايا صاروخ القبة الحديدية تفجير الرأس الحربية للصاروخ المهاجم، هي ضئيلة جداً، إذ يتعين على صاروخ القبة الحديدية، كي يستطيع تدمير الصاروخ المهاجم، إمّا أن يكون في مواجهة هذا الصاروخ تماماً ، وإمّا أن يقترب منه بزاوية حادة وينفجر على مقربة منه.

·       كما وجد العلماء أنه جرى تقديم نحو 3200 مطالبة إلى ضريبة الأملاك للحصول على بتعويضات عن الأضرار التي تسببت بها الصواريخ التي سقطت على أماكن مبنية. واستناداً إلى هؤلاء العلماء، فإنه من الصعب أن تكون الـ 58 صاروخاً، وهي العدد الذي يصرّ الجيش الإسرائيلي على أنه أصاب أماكن مبنية، وأنها صواريخ ذات رؤوس حربية صغيرة نسبياً، قد تسببب بهذا الكم من الخسائر. وعندما قارن هؤلاء العلماء بين الأضرار التي تسببت بها الصواريخ التي سقطت على إسرائيل خلال حرب الخليج الأولى، وخلال حرب لبنان الثانية، أبدوا دهشتهم حيال أرقام الصواريخ التي أصابت مناطق مبنية بعد فشل القبة الحديدية في اعتراضها. ويمكن أن نضيف إلى ذلك تقارير الشرطة في إسرائيل التي تحدثت عن معالجة 109 صواريخ أصابت مناطق مبنية، أي ضعف العدد الذي تحدث عنه الجيش الإسرائيلي.

 

·       ويطرح التقرير الذي أعدّه العلماء الثلاثة علامات تساؤل كثيرة تتعلق بنسبة النجاح التي تحدّث عنها الجيش الإسرائيلي. وقد يكون من الصعب هضم مثل هذا النقد الحاد إلى المعطيات التي قدّمها الجيش الإسرائيلي، لكن قبل أن نستهين بالاستنتاجات التي توصّل إليها هؤلاء العلماء يجب أن نتذكر أنه في نهاية حرب الخليج الأولى جرى الحديث عن نسبة نجاح تُقدر بـ 96% في عمليات الاعتراض التي نفذتها منظومة صواريخ باتريوت. لكن بعد البحث المتعمق الذي أجراه البروفسور بوستول، اتضح أن نسبة النجاح في عمليات الاعتراض هذه كانت تساوي صفراً.