نظرة القانون الدولي إزاء هجوم إسرائيلي أو أميركي على المنشآت النووية الإيرانية
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال
المؤلف

·       إن نقطة الانطلاق لأي تحليل قانوني لهجوم عسكري إسرائيلي أو أميركي على المنشآت النووية الإيرانية يجب أن تكون ميثاق الأمم المتحدة، الذي يمنع استخدام القوة أوالتهديد باستخدامها ويحدد بصورة دقيقة حالتين استثنائيتين يسمح خلاهما باستخدام القوة، هما: الحالة الأولى، موافقة مجلس الأمن على استخدام القوة انطلاقاً من الصلاحيات المعطاة له تحت البند السابع. ويمكننا أن نجزم أن الصين وروسيا ستضعان فيتو على كل قرار يصدره مجلس الأمن ويسمح من خلاله باستخدام القوة ضد المنشآت النووية الإيرانية. لذا، من من غير المتوقع الحصول على مثل هذه الموافقة.

·       أما الحالة الثانية، فهي المتعلقة بـ "الحق الطبيعي لكل دولة عضو في الأمم المتحدة بالدفاع عن نفسها بصورة فردية أو جماعية في حال حدوث هجوم مسلح ضدها." وهنا تجدر الإشارة إلى أن إيران لم تنفذ هجوماً مسلحاً ضد إسرائيل والولايات المتحدة. صحيح أنها تدعم إرهاب حركة "حماس" وحزب الله ضد إسرائيل، لكن وفقاً للقانون الدولي، فإن قيام طرف بتزويد جهة معادية لدولة معينة بالسلاح وتدريبه على القتال لا يشكل في حد ذاته هجوماً مسلحاً من قبل هذا الطرف على الدولة المعنية.

·       يرى بعض المحللين أنه نظراً إلى أن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تتطرق إلى الحق "الطبيعي" في الدفاع عن النفس، فإن هذا يشمل أيضاً الحق في الدفاع عن النفس "بصورة مسبقة"، وهو حق كان موجوداً قبل وضع ميثاق الأمم المتحدة. ويسمح هذا الحق بالدفاع المسبق عن النفس باستخدام القوة للحؤول دون هجوم محتمل، حتى في الحالة التي لا يقوم فيها المهاجِم المحتمل بخطوات تسبق تنفيذه هجومه. ولقد نصت شروط الدفاع المسبق عن النفس بصورة لا تقبل الشك على أنه يجب أن تكون هناك ضرورة قاطعة لاستخدام القوة، كما يجب أن يكون الخطر وشيكاً، بالإضافة إلى عدم وجود خيار آخر. فبالنسبة إلى الشرط الأول يمكن القول إن استخدام إيران السلاح النووي ضد إسرائيل يتطابق مع الشروط الموضوعة لهذه "الضرورة القاطعة"، والدليل على ذلك ما ورد في بحث أجرته مجلة "فورين بوليسي" في الفترة الأخيرة وجاء فيه أنه "من المتوقع أن يحصد الهجوم الإيراني على تل أبيب... حياة نحو 45٪ من سكان إسرائيل."

·       وفيما يتعلق بالشرط الثاني، أي عدم وجود خيار آخر، فسيكون على إسرائيل والولايات المتحدة أن تقدما دليلاً مقنعاً على أن العقوبات والضغط الدبلوماسي لم يسفرا عن أية نتائج.

·       أمّا الشرط الثالث لاستخدام القوة، أي وجود "خطر وشيك وحقيقي"، فربما في الإمكان تلبيته من خلال الاعتماد على قرار المحكمة الدولية الذي ينص على أن "الخطر على المدى البعيد يمكن اعتباره وشيكاً بدءاً من الوقت الذي ثبت فيه، وفي اللحظة الزمنية الملائمة، وأن دخول هذا الخطر حيز التنفيذ، حتى لو كان بعيداً، ليس أقل احتمالاً أو أقل حتمية."

·       المسألة موضوع الخلاف في الرأي هي إلى أي حد يسمح ميثاق الأمم المتحدة بحق الدفاع عن النفس مسبقاً. فقد سبق أن استخدمت إسرائيل هذا الحق من أجل تبرير هجومها على المفاعل النووي أوزاريك في العراق سنة 1981. لكن على الرغم من ذلك دان مجلس الأمن الهجوم وحكم على إسرائيل بدفع تعويضات للعراق. ويومها امتنعت الولايات المتحدة من تأييد حق الدفاع المسبق عن النفس خوفاً من أن يشكل ذلك سابقة قانونية، فيصبح من حق باكستان الدفاع مسبقاً عن نفسها ضد المشروع النووي الهندي، كما يصبح في إمكان كوريا الجنوبية استخدامه هذا الحق ضد كوريا الشمالية. ومع ذلك، جاء في التوجهات الاستراتيجية الأميركية لسنة 2002 ما يلي: "كلما كان الخطر كبيراً، فإن خطر الامتناع من مواجهته سيكون أكبر. إن مبرر القيام بعملية عسكرية مسبقة للدفاع عن أنفسنا يعتبر مقنعاً حتى مع في ظل عدم معرفة موعد هجوم العدو ومكانه."

·       إلى جانب الحق في الدفاع عن النفس، تسمح الأحكام الأساسية للقانون الدولي باستخدام هذه "الضرورة" في حال عدم احترام دول معينة أحكام القانون الدولي، ومن أجل الحؤول دون حدوث ضرر كبير حتى في الحالات التي لم يحدث فيها هجوم مسلح فعلياً، كذلك في حال "كانت العملية العسكرية هي السبيل الوحيد المتوفر لهذه الدولة للدفاع عن مصلحة حيوية في مواجه خطر كبير وحقيقي" شرط ألآ تتسبب هذه العملية بأضرار كبيرة.

·       من أجل تقديم مبرر قانوني لهجوم إسرائيلي أو أميركي ضد المنشآت النووية الإيرانية ثمة ضرورة لإثبات أن إيران تعمل على تطوير سلاح نووي، وتقديم الدليل على أن هذا السلاح يشكل تهديداً خطراً، وأن ليس هناك إمكان آخر لمنع هذا التطور، وأن الظروف لم تسمح بوقف هذا المشروع بوسائل أخرى.