عن الشرق الأوسط الجديد
المصدر
The Jerusalem Post

صحيفة يومية تصدر باللغة الإنكليزية، تأسست في سنة 1933، وكان اسمها في البداية "فلسطين بوست" إلى أن غيّرته في سنة 1950 إلى جيروزالم بوست. تصدر عنها نسخة باللغة الفرنسية. حتى الثمانينيات من القرن الماضي، انتهجت خطاً يسارياً، وكانت قريبة من حزب العمل الإسرائيلي، لكنها غيّرت توجُّهها وأصبحت قريبة  من اليمين، ومن الوسط في إسرائيل.

المؤلف

·       ذكرتُ في مقالات سابقة لي أن مصر وسورية ستتبعان "النموذج التركي" كما يقترح عليهما بعض الزعماء العرب وبعض الخبراء الغربيين. من هنا يمكن القول إن المستفيد الحقيقي من الثورات العربية سيكون تركيا وإرث السيطرة العثمانية على المشرق وشمال إفريقيا.

·       في حال استطاعت الحركات الإسلامية الوصول إلى السلطة في أغلبية الدول العربية، فإننا سنشهد نشوء كتلة سنية شرق أوسطية تسيطر عليها تركيا بصفتها دولة إسلامية معتدلة مجاورة لأوروبا وتتطلع إلى نشر نفوذها في اتجاه الغرب.

·       وقد قال رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان عشية فوزه في الانتخابات التركية في 12 حزيران/يونيو: "صدقوني، اليوم انتصرت ساراييغو مثلما انتصرت إستانبول، وانتصرت بيروت مثل إزمير، ودمشق مثل أنقرة، ورام الله ونابلس وجنين والضفة الغربية والقدس مثلما انتصرت ديار بكر".

·       واستناداً إلى هذا السيناريو فإن الكتلة السنية بقيادة تركيا ستتحدى عاجلاً أم آجلاً النظام الشيعي في إيران، وستحاول توسيع نفوذها في اتجاه الأكثرية السنية في سورية والطائفة السنية في لبنان.

·       حتى وقت قريب، كان يبدو أن إيران هي الرابح الأساسي من الثورات العربية، واعتبر زعماؤها أن الأحداث المعادية للأنظمة العربية الموالية للغرب في تونس ومصر تخدم مصلحتهم.

·       لكن بدأت تبرز أصوات تحذّر من أن صعود مكانة تركيا في المنطقة سيكون على حساب إيران، إذ رأى دبلوماسيون ومحللون إيرانيون في مصادرة تركيا لشحنة السلاح الإيرانية التي كانت تعبر أجواء تركيا، وفي الطلب التركي من إيران عدم التدخل في الثورة في البحرين، دليلاً على مرحلة جديدة من العلاقات الإيرانية ـ التركية.

·       لكن وعلى الرغم من ذلك فإن النفوذين الإيراني والتركي مهددان، على حد سواء، بسبب المأساة التي تمر بها سورية. صحيح أن أردوغان التقى الرئيس بشار الأسد في بداية الأحداث في سورية، لكنه سرعان ما أصبح قلقاً إزاء انعكاسات الأحداث الدموية في سورية، وبصورة خاصة من انزلاق سورية إلى حرب أهلية، الأمر الذي يشكل خطراً على أمن تركيا أيضاً، ولا سيما أن أردوغان يعتبر سورية "موضوعاً داخلياً" ويفضل الانتقال الهادىء للسلطة نحو نظام ديمقراطي في ظل وجود الأسد.

·       لقد ساعدت تركيا المعارضة السورية وسمحت لها بعقد مؤتمرها في أنطاليا، كما سمحت لزعماء الإخوان المسلمين في سورية بالتعبير عن آرائهم انطلاقاً من أراضيها. وصرّح وزير الخارجية أحمد داود أوغلو أن تركيا ترغب في "علاقات ثقة" مع النظام السوري، و"علاقات حب" مع الشعب السوري.

·       لكن ما يقلق تركيا هو حدوث الفوضى في شمال شرق سورية، وهو ما قد يسمح للمقاتلين الأكراد باستخدام المنطقة كقاعدة لهم.

·       لقد لمّح الأسد لتركيا إلى أن هناك لعبة يمكن أن يلعبها الطرفان. فأعلن العفو عن المنشقين الأكراد، ودعا ممثلي 12 حزباً كردياً بما في ذلك حزب العمال الكردستاني (PKK) إلى زيارة دمشق.

·       من المهم الإشارة إلى أن سورية هي أهم حليف لإيران في العالم العربي، ومن الملفت للإنتباه أن المتظاهرين في الشوارع السورية أحرقوا الأعلام الإيرانية وأعلام حزب الله واتهموهما بمساعدة الجيش السوري والمشاركة في عمليات القمع، الأمر الذي لا بد من أن يؤثر في علاقات سورية المستقبلية مع هذين الطرفين.

·       لقد أثبتت الأحداث في الأسابيع الماضية في الشرق الأوسط أن "الربيع العربي" بدأ يتحول إلى صيف طويل عاصف مليء بالمخاطر القديمة والجديدة.