· بعد مرور ستة أعوام على شطب بند القومية عن بطاقة الهوية الإسرائيلية يقترح إيلي يشاي [وزير الداخلية] إعادة ذكرها. ويكشف إلغاء بند القومية عن بطاقة الهوية، والتفكير في العودة إلى ذكره الآن، عن إحدى أهم المفارقات في دولة اليهود. فقد قامت هذه الدولة لتمنح اليهود موطناً قومياً، لكنها لم تفلح في الإجابة عن السؤال المتعلق بمَن يمكنه أن يدخل في إطار هذه القومية التي من أجلها أُنشئت هذه الدولة، ولم تنجح أيضاً في تحديد مَن هو اليهودي؟
· ثمة إجابة أولى عن هذا السؤال تقول إن اليهودي هو الذي تتوافر لديه المواصفات الأساسية التي فرضتها الشريعة اليهودية أوالهالاخاه، والتي لها علاقة بنوع عملية التهويد، ونمط الحياة اليهودية، وديانة الأم.
· أمّا الإجابة الثانية فهي أن اليهودي هو الذي يعتبر نفسه يهودياً مرتبطاً بالشعب اليهودي وبتاريخه وقيمه وثقافته. وتمنح هذه الإجابة الهوية اليهودية نطاقاً واسعاً، وتشمل الأشخاص الذين مروا بعملية تهويد من جانب الحركات الإصلاحية اليهودية، وأيضاً الجمهور العلماني في إسرائيل الذي لا يتقيد بمبادىء الشريعة اليهودية الهالاخاه، كما تشمل المهاجرين من كتلة الدول الشيوعية سابقاً الذين يعيشون في إسرائيل بغض النظر عن علاقتهم بالشريعة اليهودية أو بالشعب اليهودي.
· بيد أن المفارقة الأخرى التي يشتمل عليها تعريف "اليهودي" كقومية، هي تعارض هذا التعريف مع القوميات الأخرى التي ليست يهودية، مثل "العربي" و"الدرزي". فإذا كان تعريف "اليهودي" يستند إلى معايير دينية تعتمد على الشريعة اليهودية الهالاخاه، فإن تحديد القومية بالنسبة إلى العربي لا نجد فيها ذكراً للديانة، فيمكن أن يكون العربي مسلماً أو مسيحياً. والسؤال الذي يطرح نفسه هل الهوية العربية هي التي يريدها العرب من سكان إسرائيل لأنفسهم؟ إن القومية العربية هي قومية تشمل كل الدول العربية وينتمي إليها المصريون والعراقيون والمغاربة وغيرهم. لكن أغلبية العرب في إسرائيل ينظرون إلى أنفسهم بصفتهم أصحاب هوية "فلسطينية"، فهل هذا ما قصده يشاي لدى مطالبته بإعادة بند القومية إلى بطاقة الهوية؟.