من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· لو أن إسرائيل دولة عاقلة كانت وجّهت اهتمامها إلى ما نشرته مجلة "الإكونوميست" البريطانية التي تعتبر من أهم المجلات ذات المستوى الرفيع في الغرب ومن بين وسائل الإعلام القليلة التي تعكس النقاش الاستراتيجي والاقتصادي الجدي للنخبة في العالم.
· انطلاقاً من ذلك، فعندما ذكرت "الإكونوميست" هذا الأسبوع أنه لا يمكن وقف مشروع إيران النووي، فإن لهذا الكلام مغزى كبيرًا.
· فمن خلال "الإكونوميست" اعترف التيار المركزي في المجتمع الدولي بأن المعركة ضد تحول إيران دولة نووية باءت بالفشل. ومن خلال المجلة خرجت إلى العلن مدرسة نظرية احتواء إيران. وبينما تنشغل إسرائيل بخطط سياسة واقعية مسليّة، أخبرتها "الإكونوميست" هذا الأسبوع بأن واقعاً استراتيجياً صعباً بدأ يرتسم من حولها، فالذي تعهّد العالم بأنه لن يحدث أبداً، يحدث في هذه الأيام، والذي تعهدت القيادة الأمنية في إسرائيل بعدم حدوثه يحدث أيضاً: لقد تحولت إيران قوة نووية عظمى، وأصبحت إسرائيل وحدها.
· شهدت السنوات 2009 - 2012 نقاشاً حاداً حول إيران، فمن جهة وقف المتفائلون: شمعون بيرس ومئير داغان وغابي أشكينازي والمؤسسة الأمنية والإعلامية وكلّ الذين أملوا أن تسير الأمور نحو الأفضل، يقابلهم في الجهة الأخرى المتشائم بنيامين نتنياهو.
· كان المتفائلون يقولون إن أميركا معنا، لكن نتنياهو المتشائم لم يكن يؤمن بذلك. كانوا يقولون إن هناك يداً خفية، لكن المتشائم كان يقول لا وجود لتلك اليد. قالوا إنه لا يزال هناك متسع من الوقت، لكن المتشائم نتنياهو لم يكن يعتقد ذلك وكان يرى ضرورة وقف المشروع النووي الإيراني قبل خريف 2012.
· وطوال سنوات ثلاث، كان المتفائلون ينتقلون من صحافي إلى آخر ومن أميركي إلى آخر ويقولون إن نتنياهو متشائم ويرى الأمور بصورة قاتمة ولا يدرك أن العالم لن يسمح لإيران بأن تكون نووية.
· وخلال سنوات ثلاث قيّد المتفائلون يد نتنياهو مستندين إلى التعهدات بأن أميركا إلى جانبنا، وبأن هناك يداً خفية وبأنه لا يزال لدينا متسع من الوقت. وها هي "الإكونوميست" تثبت لنا اليوم أن جميع الوعود التي تمسك بها المتفائلون كانت كاذبة.
· في الواقع، فإن نتنياهو كان على حق. يمكننا توجيه الانتقادات إلى تصرفه وجوانب معينة من سياسته مثل أن الخيار العسكري الإسرائيلي لم يكن من الضروري أن يكون الأساسي المطروح على الطاولة، وأن التوجه الإيجابي نحو رام الله يجب أن يكون جزءاً من صراع القدس ضد طهران. لكن، وعلى الرغم من ذلك، يمكن القول إن نتنياهو فهم التحدي الإيراني بصورة أفضل من غيره، وقرأ بصورة أفضل أيضاً الخريطة في مواجهة إيران. وفيما وقع المتفائلون في الأوهام، كان نتنياهو المتشائم يرى الحقائق كما هي.
· قد يكون من الممكن إلى الآن دحض التقديرات التي توصلت إليها "الإكونوميست"، كما أنه من المحتمل أيضاً أن يؤدي الحصار السياسي والاقتصادي الفوري والشامل على إيران إلى دفعها نحو تعليق مشروعها النووي دفاعاً عن نظامها، لكن على الذين يريدون دحض التوقعات الكئيبة بطريقة سياسية غير عسكرية، أن يتحركوا فوراً.