معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
· منذ بدء إدارة الرئيس أوباما عملها اتسمت علاقاتها بإسرائيل بالشك وعدم الثقة. ويمكن العودة في هذا الصدد إلى المقال المهم الذي نشره في الفترة الأخيرة إليوت أبرامز، المسؤول عن موضوع الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس جورج بوش، والذي تناول فيه الوضع الكئيب الذي آلت إليه عملية السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية، والضرر الكبير الذي لحق بالثقة بين الرئيس أوباما ورئيس الحكومة نتنياهو. وفي رأي أبرامز، أضر فقدان الثقة بين الرجلين بقدرة الطرفين على القيام بالخطوات المطلوبة، الشجاعة والبعيدة المدى، من أجل دفع مسيرة السلام قدماً، ويتحمل الرئيس أوباما القدر الأكبر من المسؤولية عن ذلك.
· كذلـك يرى أبرامز أن سبب فشل الرئيس أوباما في التوصل إلى تسوية فلسطينية – إسرائيلية يعود في الأساس إلى تشديده على مشكلة الاستيطان. صحيح أن هذه المشكلة باتت وراءنا الآن، لكنها تركت، بلا شك، "آثاراً" في الثقة بين البلدين.
· إن ما جاء في مقال أبرامز يرسم صورة مريحة جداً بالنسبة إلى إسرائيل، ويبدد المخاوف السائدة داخل الإدارة وفي أوساط سياسية معينة في إسرائيل إزاء تحمّل نتنياهو تبعة تدهور الثقة بين إسرائيل والولايات المتحدة.
· يأتي اللقاء المرتقب بين نتنياهو والرئيس أوباما في وقت ملائم بالنسبة إلى الزعيمين، وذلك في ضوء الأزمة القاسية التي يمر بها "محور الشر" برئاسة إيران وسورية، والتراجع المتواصل في قوة هذا المحور. فقد نجح أعداء إيران وفي مقدمهم الولايات المتحدة وإسرائيل في تأخير وتيرة تقدم المشروع النووي الإيراني، ولا تملك إيران التي تعاني مشكلات سياسية واقتصادية قاسية، وخلافاً خطراً بين زعاماتها، رداً حقيقياً على التحديات التي تواجهها. أمّا سورية فهي تعاني من وضع قد يتحول إلى حرب أهلية، ويكافح النظام القائم دفاعاً عن بقائه، وسط عزلة دولية متزايدة. في هذا الوقت يحاذر حلفاء إيران، حزب الله و"حماس"، القيام بأي عمليات من شأنها أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق. وقد ساهم النجاح الكبير لمنظومة "القبة الحديدية" في تقليص الخطر الصاروخي الذي نجح بواسطته كل من حزب الله و"حماس" في إيجاد "توازن رعب" في مواجهة إسرائيل.
· إن حرية التحرك التي تملكها إسرائيل ضد "حماس" باتت واسعة جداً، وأصبحت الانتقادات الداخلية والخارجية الموجهه ضد الردود العسكرية الإسرائيلية أكثر اعتدالاً من السابق. كذلك تبرز على الساحة العربية جرأة متزايدة لمحور"الدول المعتدلة"، وفي مقدمها السعودية، في مواجهة التهديد الإيراني، إذ شكلت المساعدة العسكرية السعودية لنظام البحرين في قمع الثورة ضد النظام تحدياً جديداً لإيران لم تتضح بعد كيفية مواجهتها له.
· على الصعيد الداخلي، يتمتع الزعيمان [نتنياهو وأوباما] بموقع قوي. فقد أزال اغتيال زعيم القاعدة بن لادن والعمليات الأميركية المكثفة ضد ليبيا صورة أوباما القديمة التي تظهره زعيماً ضعيف الشخصية وجباناً. فارتفعت شعبية أوباما وسط الرأي العام الأميركي، وتبدو حالياً حظوظ فوزه بولاية رئاسية ثانية كبيرة للغاية. كذلك باتت أوضاع نتنياهو ثابتة جداً، فوضعه السياسي مستقر وكذلك وضع الائتلاف الحكومي الذي يترأسه.
· إن هذه الأوضاع تسمح للزعيمين باتخاذ قرارات تاريخية بشأن مسألة التسوية السلمية والمفاوضات على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي تطرحها حالة عدم الاستقرار وانعدام اليقين في المنطقة على هذا الصعيد. ومع ذلك، فإن أول شرط لتحقيق التقدم هو إزالة انعدام الثقة بين الرئيسين.
· ومن أجل بناء الثقة مع دولة إسرائيل سيُضطر الرئيس الأميركي إلى إقناع رئيس الحكومة والرأي العام في إسرائيل بأنه يعي مخاوف دولة إسرائيل والمخاطر المترتبة من وجهة نظرها على التسوية السلمية مع الفلسطينيين. كذلك على رئيس الحكومة الإسرائيلية أن يقنع الإدارة الأميركية بأنه جاد وصادق في تخليه عن"إرثه الأيديولوجي"، وعن قاعدته السياسية من أجل إحداث تحول تاريخي ودراماتيكي في موقف إسرائيل وعلاقاتها مع العالم العربي عامة ومع الفلسطينيين خاصة. وسيكون على رئيس الحكومة في مرحلة معينة من المفاوضات أن يحدد مواقفه بوضوح وبالتفصيل من القضايا الجوهرية للاتفاق الدائم، أي موقفه من قضايا الحدود واللاجئين والقدس.