· على الأرجح أن الرئيس أوباما فرك عينيه جيداً عندما عرضوا أمامه المبادىء الستة التي قدمها نتنياهو في خطابه، وأنه طلب من مساعديه رؤية الخطاب كي يتأكد أن هذا ما قاله نتنياهو فعلاً.
· إن المبادىء الستة التي عرضها نتنياهو تتطابق مع ما تعرضه الأحزاب كافة: بدءاً من الليكود في اليمين، مروراً بكاديما في الوسط، وحركة الاستقلال [الحزب الجديد المنشق عن حزب العمل بزعامة إيهود باراك]، وانتهاء بحزب العمل في اليسار (حتى حركة ميرتس يمكنها أن تتبناها). ومما لا شك فيه أن أوباما تعاطى بجدية مع هذه المبادىء، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يتعامل أوباما بالجدية نفسها مع صاحب هذه المبادىء؟ والاختبار الذي على نتنياهو أن يجتازه في واشنطن هو التالي: هل هو شخص جدير بالثقة؟
· إن الرئيس الأميركي يعرف، بلا ريب، أن لا حاجة إلى البند الأول الذي يطالب الفلسطينيين بالاعتراف بالدولة اليهودية، فقد سبق أن اعترفت الأمم المتحدة وكذلك العالم بإسرائيل وطناً للشعب اليهودي ولا حاجة إلى اعتراف أبو مازن بذلك. أمّا بالنسبة إلى البندين الثاني والثالث المتعلقين بإنهاء النزاع وعدم طرح حق عودة اللاجئين إلى إسرائيل، فإن أغلبية الناس والرؤساء والحكام في العالم تقبل بهما. كذلك فيما يتعلق بالبند الخامس الذي يطالب بأن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، فهذا أمر مقبول هنا وفي العالم أيضاً.
· لكن الأمر الأكثر أهمية هو الذي يتعلق بإعلان بقاء الجيش الإسرائيلي زمناً معيناً على طول نهر الأردن. لا أريد تفسير عبارة "زمن معين"، لأنه منذ اللحظة التي تراجع فيها نتنياهو عن مطالبته بإبقاء سهل الأردن تحت سيطرة إسرائيل بذريعة الضرورات الأمنية، فإن مدة بقاء الجيش هناك لم تعد مهمة. لقد لفت انتباهي أيضاً قول نتنياهو إن الجيش الإسرائيلي سيبقى على طول نهر الأردن وليس في سهل الأردن. ومما لا شك فيه أن بيبي [بنيامين] يعرف الفرق بين الأمرين، فعندما كان مقاتلاً عَبَر النهر أكثر من مرة في الطريق إلى وادي الأردن الذي كان في قبضة الأعداء، وهو يعرف الفرق بين الوادي الواسع وبين النهر الضيق. وأوباما أدرك [بعد كلام نتنياهو]، بلا ريب، أن قضية الحدود الشرقية قد حُلت.
· لقد كان موضوع الكتل الاستيطانية الوارد في البند الخامس موضع دراسة وافية من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، والكل يعرف أي كتل استيطانية ستبقى وأيها سيتم إخلاؤها.
· أمّا فيما يتعلق بالاتفاق الدائم، فأدعو رئيس الحكومة إلى عدم طرح حلول موقتة أو جزئية من شأنها إضعاف إسرائيل في المراحل المقبلة، وإنما عليه السعي نحو اتفاق دائم نستطيع من خلاله فقط الحصول على ضمانات في مقابل التنازلات التي نقدمها.
· ويتناول البند السادس موضوعاً يشكل روح الشعب اليهودي، هو موضوع القدس. فلا خلاف بشأن بقاء القدس عاصمة إسرائيل إلى الأبد، إلاّ إن إضافة كلمة "القدس الموحدة" غير مفهومة، فحتى أوباما يعرف أن القدس لن تعود إلى حدود 1967، وأن المدينة التي أُلحقت بها ستبقى موحدة.
· منذ أكثر من عشرة أعوام، وضعت حكومة رابين أحياءً وقرى فلسطينية، مثل قلندية وشفعاط، خارج حدود القدس، وذلك على الرغم من وجودها داخل الحدود البلدية للمدينة. وعندما قال نتنياهو القدس "الموحدة"، فمن المؤكد أنه لم يقصد أم طوبا وصور باهر، وإنما قصد القدس ذات الطابع الإسرائيلي التي لا تضم داخلها 300 ألف فلسطيني.
· قد يتساءل نتنياهو لماذا لم ينجح خطابه الإيجابي من وجهة نظره في إزالة الشكوك داخل إسرائيل وخارجها ولدى الفلسطينيين؟ الجواب بسيط: لأن المقربين منك يحاولون أن يظهروا أنك لا تقصد ما تقوله. لذا، حتى عندما يعرض نتنياهو مبادىء يمكن التقدم على أساسها نحو الحل، فإن كثيرين يجدون صعوبة في تصديقها.
· يقف نتنياهو أمام لحظة تاريخية ووطنية وشخصية أيضاً. وأنا أتوجه إليه شخصياً بالقول: إذا كنت صادقاً فيما تقوله، فإنك ستحظى بدعم كبير من الكنيست، لا بمظلة أمان فقط. من هنا نصيحتي لك أن تقول بصوت عال ما تقصده فعلاً في المبادىء الستة التي طرحتها في الكنيست.